يبدو أن التظاهرات فى فرنسا ستنتشر فى دول أوروبا كلها خلال أسابيع أو شهور ثم سنراها فى آسيا وأمريكا ودول العرب وأفريقيا.. والمتظاهرون هم ذاتهم الذين تظاهروا فى ٩ دول عظمى منها فرنسا وبلجيكا وأمريكا وإيطاليا وروسيا وألمانيا وغيرها خلال الفترة من مارس وحتى ديسمبر ٢٠١٠ تحت شعار «العيش والحرية»، وقد انتقل الشعار إلى تونس ثم مصر والدول العربية فيما سمى بثورات الربيع العربى خلال ٢٠١١.. وكان الشعار المتكرر عندنا عيش وحرية أيضاً..واستمرت ثورة شباب الغرب والشرق آنذاك حتى ٢٠١٤..إنهم ثائرون على أساليب الرأسمالية الشرسة المتوحشة التى تجتاح العالم ويرفضون إجبار الشعوب على الفقر وشظف العيش ونهب جيوب الفقراء بالضرائب ورفع أسعار السلع والخدمات لصالح فئة صغيرة فى المجتمع ويرفضون احتكار البنوك والمؤسسات المالية العالمية للثروة والتحكم فى مستقبل البشر.. ويرفضون سلب الحريات بسلطات القهر.. وكل هؤلاء الشباب متعلمون وأذكياء وحاولوا عبر أشكال عدة كسر الاحتكارات الشرسة، حيث استخدام الشباب الأسواق الافتراضية عبر الإنترنت وكذا البتكوين العملة الإلكترونية وتنمية قدرات المنتجين فى المشروعات الصغيرة وأنتجوا أفلام سينما الواقع بديلاً للأكشن وبخاصة الأفلام القصيرة، ورفضوا زيادات الضرائب وتخفيض العملات فى بلادهم وغيروا أعضاء البرلمانات والرؤساء واعترضوا على خصخصة الخدمات.. واليوم عادوا للصدام مع صلف السلطات التى تمادت فى نهب جيوبهم وصعبت الحياة عليهم.. وخدعتهم بالوعود الكاذبة.. وتحليل المضمون الإعلامى لتصريحات الغاضبين فى فرنسا وبروكسل يشير إلى أنهم يفتقدون العدالة الاجتماعية والقوانين عاجزة والقادة مكبلون بقيود المؤسسات المالية العالمية، ولم يعد هناك طريق للحفاظ على حق الحياة والمستقبل للشباب إلا بمواجهة عنيفة للاحتكارات، ولا بديل سوى مسارعة الحكومات الغربية لرفع الظلم وتسهيل الحياة ومنع الفساد والاحتكار، كما فعلوا فى عامى ٢٠١٣ و٢٠١٤.. أو صراع شعبى مع كل السلطات وهو ما لا تحمد عقباه فى ظل تراجع دور الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدنى نتيجة نظام الحكم الشعبوى الجديد.
والله غالب