أمجاد يا عرب.. «أنا لا أقرأ ولكنى أدّعى القراءة»
أحد أسواق بيع الكتب والروايات
«القراءة مستشفى العقول.. تطرد الجهالة والبلاهة والتفاهة.. وهى طوق نجاة للأمم والذاكرة الحية للإنسانية»، كلمات عميقة لم تصدر عن عالم أو أديب ولكن عن فتاة لم تتجاوز التاسعة من العمر، لكن حكمتها تجاوزت التسعين، كما تجاوزت مليونى مشارك فى تحدى القراءة، وتغلبت عليهم لتعلمنا درساً فى زمن أصبحت القراءة فيه فعلاً أوشك على الانقراض، وأصبحت رؤية شاب يقرأ فى كتاب بعيداً عن مواقع «التراشق الاجتماعى» مثل رؤية الغول والعنقاء والخل الوفى من رابع المستحيلات.
فطبقاً لمؤشر القراءة فى الوطن العربى، الذى أجرته مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، بالتعاون مع البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة، بهدف رصد واقع القراءة فى الوطن العربى، وقياس مستويات التنمية الثقافية الصحيحة، لعينة وصل تعدادها إلى 148 ألف مفردة، وجد أن متوسط عدد ساعات القراءة للمواطن العربى 35.24 ساعة سنوياً، تبدأ فى الصومال بمعدل 7.78 ساعة، وتصل فى مصر إلى 63.85 ساعة يقضيها المصرى فى القراءة على مدار السنة، ولم يتجاوز عدد الكتب التى يقرأها العربى 16 كتاباً فى السنة، أما بالنسبة لإتاحة فرص القراءة، فكان متوسط إتاحة القراءة فى المؤسسات التعليمية 52%، وفى الأسرة 46%، أما متوسط إتاحة القراءة فى المجتمع العربى فبلغ 36.56%، إلا أن التطور الكبير الذى شهدته تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لم يقف بعيداً عن التطورات فى عالم القراءة التى سُرعان ما ظهر منها صنف القراءة الإلكترونية، عبر الوسائط الإلكترونية الجديدة، التى نقلت الصحف والمجلات والكتب من الورق إلى شاشات الحواسيب والهواتف المحمولة، فكشفت إجابات عينة الدراسة فى المؤشر عن أسبقية القراءة عبر مواقع التواصل الاجتماعى بنسبة 23.52%، ثم كانت نسبة الإقبال على مواقع الأخبار 23.02%، ثم تأتى بعد ذلك الكتب الإلكترونية وتتبعها المجلات ثم المدونات والشبكات المهنية، لترتبط القراءة الإلكترونية أكثر بالحياة العامة للأفراد، كونها سلوكاً يومياً لا يحتاج لخبرات تعليمية سابقة، بينما ترتبط القراءة الورقية بالمؤسسات الرسمية والمدرسة والجامعات وغير ذلك.
«اليونيسكو»: كل 80 عربياً يقرأون كتاباً واحداً.. والإسرائيلى40 كتاباً فى السنة.. ومؤسسة «بن راشد للمعرفة»: 63 ساعة يقضيها المصرى فى القراءة سنوياً
وبحسب «تقرير التنمية الثقافية» الذى أصدرته منظمة اليونيسكو فإن عدد كتب الثقافة العامة التى تنشر سنوياً فى العالم العربى لا يتجاوز الـ5000 عنوان، أما فى أمريكا وحدها، على سبيل المثال، فيصدر سنوياً نحو 300 ألف كتاب، وبحسب التقرير أيضاً فإن كل 80 عربياً يقرأ كتاباً واحداً، بينما كان المواطن الأوروبى يقرأ 35 كتاباً فى السنة، الإسرائيلى يقرأ 40 كتاباً.
وإذا انتقلنا إلى عدد النسخ المطبوعة من كل كتاب عربى نجد اتساع الهوة، فالكتاب العربى لا يطبع منه إلا ألف أو ألفان، وفى حالات نادرة تصل إلى 5 آلاف، بينما تتجاوز النسخ المطبوعة لكل كتاب فى الغرب 50 ألف نسخة، وقد تصل إلى أكثر من هذا العدد.
ولأن نسب الإتاحة متدنية جداً فى بعض الدول، كما هو الحال فى محدودية نسب الدافعية والاتجاهات نحو القراءة، فإن ذلك يجعل على الدول ذات التجارب الناجحة والموارد الكافية مسئولية حضارية نحو مساعدة الدول التى تعانى من أزمات، فمخاطر الجهل والجمود الفكرى لن تنحصر فى حدود الدول ذات المستويات المتدنية، فكما يقول الشيخ محمد بن راشد، «قدرنا كعرب أن نعمل معاً ونواجه التحديات معاً، والإمكانات متوافرة والفرص موجودة. وإذا حَيْدنا المشتركات الكثيرة التى تجمع بين العرب، فإن الجغرافيا وحدها تفرض على الدول العربية أعلى درجات التعاون»، لذلك فإن وزارات الثقافة والتعليم والشباب ومؤسسات المجتمع المدنى مُطالبة بوضع برامج وتنظيم فعاليات الهدف منها تعويد الأطفال على القراءة المنتظمة، كما أن على الإعلام أن يؤدى دوره فى توجيه الذوق العام نحو القراءة عبر برامج جادة ومفيدة تعمل على الترغيب فيها، من خلال إنتاج مضامين تعيد للقراءة جاذبيتها وترتقى بنوعيتها وتوجهها، كى تصبح أحد الروافد الأساسية لتحقيق مجتمع المعرفة.