- يعد السادات أكثر حكام مصر دهاءً وأفضلهم إنجازاً، انتصر فى حرب أكتوبر وهو أول نصر حقيقى للعرب على إسرائيل، وانتصر فى معركة السلام وحرر أرضه بينما فشل الآخرون مثل سوريا فى تحرير الجولان سلماً أو حرباً.
- ولو لم يكن للسادات من فضل سوى نصر أكتوبر لكفاه وأغناه، فهذا النصر نقل مصر والعرب جميعاً نقلة غير مسبوقة إلى الأمام فى كل الميادين، وكان سبباً فى غنى الخليج.
- تحولت مصر وقتها إلى المدينة الفاضلة حيث لم تسجل الشرطة فى ربوع مصر كلها حادثاً واحداً، وتلاحم الشعب بشكل رائع خلف أبنائهم فى الجبهة.
- ولكن السادات ظُلم من معظم الأطياف السياسية، من اليساريين والاشتراكين والناصريين الذين حرقوا الأرض تحته وحولوا حسناته إلى سيئات وحول بعضهم نصر أكتوبر إلى هزيمة سياسية، وحولوا هزيمة يونيو إلى نصر سياسى، مع أن ذلك لا يحدث إلا فى خيالاتهم.
- أما الظلم الأكبر للسادات فقد جاء من الإسلاميين الذين أعطاهم قبلة الحياة فمنحوه قبلة الموت، ووهبهم حرية الحركة والدعوة، فإذا بهم ينساقون خلف خصومه دون تبصر، ويهيلون التراب على إنجازاته.
- تذكر الجميع للسادات خطأ التحفظ الذى طال معظم رموز المجتمع المصرى، غافلين عن أهم إنجازاته، فهو الوحيد فى تاريخ مصر بعد ثورة يوليو الذى ألغى التعذيب وقانون الطوارئ، الذى جثم فوق رؤوس المصريين سبعين عاماً.
- جاء السادات للحكم مقيداً، فكل أركان حكمه كانوا يكرهونه ويرون أنه ليس جديراً بالحكم، ولا يصلح أن يحل بديلاً لناصر، والسوفيت يكرهونه وهو يكرههم ولا يثق فيهم ولهم آلاف الخبراء العسكريين، وإسرائيل تحتل سيناء والوضع الاقتصادى والسياسى والعسكرى فى غاية الصعوبة فتغلب على ذلك كله بطريقة أذهلت الجميع.
- فقد استطاع خداع مراكز القوى وكان أذكى منهم وسابقاً لهم بخطوات، وكان وحده ضده وزراء الدفاع والداخلية والمخابرات وأمن الدولة ونائب الرئيس وزعماء الاتحاد الاشتراكى فهزمهم جميعاً بضربة واحدة، قائلاً: إنهم يجب أن يحاكموا بتهمة الغباء السياسى، وخدع الاتحاد السوفيتى وحصل منه على أحدث الأسلحة التى لم يعطوها لناصر ثم طرد خبراءهم العسكريين بعد ذلك، وخدع إسرائيل وأوهمها أنه ضعيف لا يقوى على قرار الحرب ثم فاجأها بالحرب، وخدع بيجن فى السلام وانتزع منه سيناء كاملة، وتركه يعيش مصاباً بالاكتئاب لتفريطه فى الأرض التى تنزلت فيها التوراة على موسى.
- حلل البعض شخصية السادات بأنها شخصية مركبة تحوى مزيجاً من الشخصيات منها «الفلاح المصرى» المجامل للآخرين، والمساعد للفقراء والمحب لهم، الذى يوفى لمن أسدى له الجميل، وشخصية الممثل القدير، الذى لا يعجزه أى دور ويتقمص أى دور، فهو اشتراكى فى الاتحاد الاشتراكى، وناصرى مع ناصر، وملكى مع الحرس الحديدى.
- أما الرافد الثالث لشخصيته أنه لم يكن يحمل حقداً لأحد، فقد يغضب على البعض غضباً شديداً ولكنه يصفو سريعاً ولا يؤذيه.
- أما المكون الأكبر فهو الدهاء السياسى الفذ، لأنه عاش حياة سياسية طويلة ودخل فى تنظيمات وأحزاب رسمية وغير رسمية ودخل مستنقع السياسة صغيراً، وظل طوال فترة ناصر يرقب بعمق ويخزن الأفكار.
- أما المكون الأخير فإنه كان متديناً مواظباً على الصلاة ويحب سماع القرآن والتواشيح، وكل هذه الخلطة العجيبة كونت شخصية السادات التى أكثر عمقاً وتجربة من عبدالناصر، رحم الله السادات الذى قتل مظلوماً كما قتل عثمان بن عفان.