بين الأجيال الشبابية: مش عايزين حد يعطلنا.. كله مستعجل.. والشغل أهم وفكرة بيت العيلة انتهت
عبير وصبري
مشاغل العمل والحياة تعد العامل الرئيسى وراء انشغال كثير من الشباب عن الاهتمام بصِلة الرحم وزيارة ذويهم، وصار أداء هذا الواجب يقل، بشكل عام، خاصة بعد وفاة كبار العائلة من الأجداد والجدات الذين كانوا يجمعون شمل أفراد الأسرة فى «بيت العيلة»، وأصبح بعض الشباب يعتمد على العالم الافتراضى من خلال جروبات «الواتس آب» و«الفيس بوك» والمكالمات الهاتفية للتواصل مع أقاربهم، وفى المقابل هناك آخرون يحاولون جاهدين الاهتمام بصلة الرحم التى أمرنا الله تعالى بوصّلها، سواء كانت من أصول الإنسان أو فروعه.
وتقول عبير عاصم، 24 عاماً، تقيم بمدينة 6 أكتوبر، وتعمل بإحدى شركات التسويق، أنها وأسرتها المكونة من 6 أفراد معتادين على زيارة أقاربهم المقيمين بكفر الشيخ كل أسبوعين تقريباً للاطمئنان عليهم: «أصل عيلتى من هناك وكل فترة نزورهم، واللى مش بيقدر ينزل مع بابا وماما ممكن أروحلهم لوحدى، فأنا مثلاً عشان شغلى ممكن أنزلهم لوحدى فى يوم الإجازة كل أسبوعين»، مضيفة أن والدها زرع بداخلها هى وأخواتها أهمية صلة الرحم وود الأقارب، ليس فقط لأنه واجب وإنما ثواب يؤجر عليه المسلم فى حياته وآخرته. تجميع كل أفراد العائلة فى بيت العيلة فى الأعياد هو عادة تربت عليها «عبير» التى تقول: «من الحاجات اللى أبويا ما بيتهاونش فيها إننا لازم نكون قبل العيد بيوم فى البلد وكل قرايبنا بيجوا من محافظاتهم البعيدة زى الإسكندرية والشرقية ونتجمع ونقضى العيد سوا»، لافتة أنها تستمتع بتلك الزيارات التى تجمعها مع أبناء عماتها وخالاتها لتتبادل معهم الأحاديث الممتعة حول آخر أخبارهم وذلك على الرغم من أنهم يتحدثون باستمرار على جروب العائلة على «الواتس آب» على عكس شقيقها الأصغر الذى يفضل دائماً الخروج مع أصدقائه عن الزيارات العائلية. وأشارت إلى أن اللقاءات فى بيت العائلة الآن اختلفت كثيراً عن الماضى، قائلة: «الجميع الآن مستعجل.. ولكن زمان كانت قعداتنا حلوة وفيها روح أيام ما كانوا أجدادنا عايشين».
«منصور»: عملى يأخذ كل وقتى ويمنعنى من الزيارات العائلية.. «عبير»: «لمة الأسرة حول أجدادنا زمان كان فيها روح».. «صبرى»: متطلبات الحياة تستنفد جهدى و«بسمة»: أتواصل مع أهل والدتى بالتليفون
وتهتم بسمة سالم، 30 عاماً، ربة منزل، تقيم بمنطقة الهرم، بزيارة أقاربها لكن بعد أن ازدادت مسئوليتها فى أعقاب زواجها وإنجابها طفلتين لم تتعد أعمارهم الـ5 سنوات قل معدل زيارتها، وتقول: «قبل ما أتجوز كنت بزور قرايبى مع والدى ووالدتى على طول لأنه واجب ودلوقتى بحب أعمل كده من نفسى عشان أديم الود ما بيننا»، لافتة إلى أن زياراتها أكثر تكون لعائلة والدها نظراً لقرب مساكنهم منها مقارنة بعائلة والدتها التى تقيم بمحافظة طنطا ما يضطرها للتواصل معهم عبر الهاتف ومواقع التواصل الاجتماعى: «السوشيال ميديا مش مفضلة عندى فى التواصل مع قرايبى، لكن بلجأ لها لما يكون صعب أزورهم بسبب المسافة أو أعباء الطفلتين»، مؤكدة أن فكرة بيت العيلة لم تعد موجودة كما كانت فى السابق، مشيرة إلى أنه بعد وفاة أجدادها أصبح خالها هو الشخص المقرب لجميع أفراد عائلتها ويكون السبب دائماً فى لم شمل العائلة والبقاء معاً فى بيت واحد كلما عاد مع أسرته من السفر لقضاء إجازته، وتروى «بسمة» أحد المواقف التى تدل على اهتمامها بأقاربها، قائلة: «كنت عايشة مع جوزى فى الغردقة فترة بسبب شغله وكان عندى فرح ابن عمتى رجعت من السفر لوحدى عشان أحضر الفرح لأن الأقارب دول أهم حاجة فى حياتنا».
ويختلف الوضع بالنسبة لإبراهيم منصور، فى منتصف العشرينات، يقيم بمنطقة فيصل، مصمم جرافيك، والذى أصبح يعتمد على المكالمات الهاتفية بشكل أكبر فى الاطمئنان على أقاربه خاصة بعد وفاة أجداده منذ عامين، وذلك فيما عدا مرض أحد أقاربه حيث لا يكتفى بمكالمه هاتفية وإنما يزوره ليطمئن على صحته، ويقول: «وفاة الناس الكبيرة فى العيلة السبب إننا ما بنتجمّعش زى زمان وبقينا نتقابل فى المناسبات وحسب اللى فاضى، وكمان الشغل أخد وقت الواحد كله ويمنعنى عن الزيارات العائلية»، مضيفاً أنه مقرب أكثر لعائلة والدته وخاصة خاله الذى يتصل به باستمرار ليعاتبه على عدم زيارته له ويقابله من وقت إلى آخر، لافتاً أنه يضطر فى بعض الأحيان لزيارة أقاربه بناء على طلب من والديه باعتباره واجباً: «فيه مناسبات زى العزاء والأفراح عيلتى بتخلينى أروح معاهم باعتباره واجب مع إنى ما بكونش عارف هؤلاء الأقارب لكن بروح أقعد ساعة وأمشى وخلاص».
ويقول محمد صبرى، ٢٩ عاماً، صيدلى، يقيم بالمنصورة، إن زيارته لأقاربه فى الوقت الحالى قلت جداً بسبب انشغاله فى أكثر من عمل فى دوريات متعاقبة من أجل النهوض بأعباء ومتطلبات الحياة التى تستنفد مجهوده ووقته وهو ما يجعله عرضة لانتقاد أقاربه الذين يحثونه على زيارتهم: «قرايبى لما بغيب كتير بيكلمونى يلومونى عشان ما بسألش عليهم ويزعلوا منى، لأن بالنسبة ليهم فى القرى والأرياف الموضوع ده عيب، وبيهتموا بصلة الرحم وخصوصاً أنهم ساكنين قرب بعضهم»، ويكمل حديثه قائلاً: «دلوقتى ممكن أزور قرايبى مرة كل شهرين وآخر مرة زرتهم كانت من نحو ٤ شهور وحتى أصحابى ما بشوفهمش بسبب ظروف عملى وطول وقته وهو ما يمنعنى عن هذه الزيارات»، لافتاً إلى أن عائلته لا تتواصل مع بعضها من خلال الهاتف إلا فى حالة مرض أحد أفرادها ليبلغوا بعض حتى يزوروا هذا المريض».