السفير التشادي في القاهرة: نحتاج إلى العقول المصرية.. وخطوات السيسي نحو أفريقيا صحيحة
حوار سفير تشاد مع الزميلة عبير العربي
لم تعد دول أفريقيا بمعزل عن مصر، بل أصبح هناك تقارب حقيقيا رسم ملامحه الرئيس عبدالفتاح السيسي، والذي وضع نصب عينيه عودة الدور العربي المصري الأفريقي المشترك، وتتجلى أحد جوانب التقارب المصري الأفريقي جليا في أول بعثة دراسية لفتيات تشاديات على أرض مصر داخل جامعة "قناة السويس".
>> الدودو عبدالله: "بيت الله" في السعودية والمرجعية الإسلامية في الأزهر.. ولدينا 600 طلاب حصلوا على منح دراسية في مصر
وحول الدور المشترك بين تشاد ومصر، تحدث الدكتور الأمين الدودو عبد الله الخاطري سفير تشاد في مصر، في حوار لـ"الوطن"، عن الكثير من المفردات، منها ما يخص الازدهار الاقتصادي والاستثماري في تشاد، مؤكدا دور مصر الرائد في القارة الأفريقية والمنطقة العربية.
* سيادة السفير كيف تبدو مصر لدى أشقاءنا في تشاد؟
- مصر وطن حاضر لدينا في تشاد من زمن، ونعلم ربوع الدولة المصرية شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، وحضارة مصر الفرعونية العريقة لدينا من المعلومات عنها الكثير والكثير، وكذلك ما خلفته هذه الحضارة العميقة في تاريخ مصر والمصريين، كما أن مصر حاضرة في تشاد بتاريخها الوطني والسياسي في مجابهة العدوان والاحتلال، وصولا بدور مصر حاليا في محاربة الإرهاب ومواجهته عسكريا وتنمويا، كل هذه أمور يدركها جيدا الشعب التشادى تجاه الحبيبة مصر، ولعل لغة تشاد العربية أتت بكل هذا التقارب.
* إذن كيف جاء مردود زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لدولة تشاد قيادة وشعبا؟
- أولا أريد أن أقول إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى نجامينا عاصمة تشاد جعلت ملايين المصريين يوجهون النظر إلى تشاد، ويقرؤون جيدا في واقع وتاريخ هذا الوطن، وهي الزيارة التي حركت عقول وقلوب المصريين إلي الشعب التشادي، فيمكن أن أؤكد أنها الزيارة التي قدمت الكثير لنا وعنا لدى المصريين. ثانيا زيارة الرئيس السيسي كانت خطوة غير مسبوقة في الاتجاه الصحيح والمطلوب، فهذا الرجل من أول ما تسلم السلطة اتجه إلى الدول الأفريقية، ولأن تشاد على أولويات الخريطة المصرية نجم عنها هذه الزيارة، صحيح هناك علاقات الدبلوماسية، لكن الرئيس المصري بدأ العمل على تعزيزها.
>> اللغة العربية جعلت شعب تشاد يفهم الدول العربية أكثر.. ومصر بلد العلم والمعرفة وننتظر منها ما هو أكثر
وأريد أن أوضح أن هذه الزيارة سبقها زيارات متعددة على اعتبارات المستوى المشترك، فجاء لدينا مبعوث شخصي من الرئيس السيسي وهو المهندس شريف إسماعيل والذي كان يشغل منصب رئيس الحكومة، وزار الرئيس التشادى إدريس ديبي، وهو ما كان له دورا مهما جدا في تعزيز العلاقات الثنائية، كما أن الرئيس إدريس ديبي يدرك جيدا أن مصر بلد علم ومعرفة وكفاءات، لذا سفارة تشاد في مصر هي السفارة الوحيدة التي بها شخصين حاصلين على درجة دكتوراه، وذلك رغم وجود سفارات لنا في جميع عواصم العالم، وهذا فهم استيراتيجي، وفهم راقي جدا من رئيس دولتنا أن مصر وطن مهم.
* وكيف يرى الرئيس التشادي إدريس ديبي مصر؟
- الرئيس إدريس ديبي لديه توجه محوري وجوهري ومهم جدا تجاه الشقيقة مصر، ويقول دائما إن تشاد فضاء مفتوح للإخوة في مصر، في مجال الاستثمار التجاري والصحي والزراعي والثروة الحيوانية، وهذا ما لا تحظى به أي دولة أخرى.
* حدثنا أكثر عن طبيعة وعادات الشعب التشادي؟ وماهي مكانة اللغة العربية لديه؟
- وردتا اللغتين العربية والفرنسية، فدستور الدولة في نص واحد، وهو ما يؤكد إعطاء نفس الدرجة والخصائص، ولكن في الإدارة الغالب يتم التعامل باللغة الفرنسية، أما في الشارع وسوق التعامل يتم التعامل باللغة العربية، فاللغة العربية في تشاد هي اللغة الوطنية بلا منازع، وهو ما جعلنا كشعب تشاد نفهم الدول العربية أكثر ما ما يفهمون هم عنا.
* من منطلق أن تشاد دولة إسلامية وناطقة باللغة العربية، هل الأزهر مرجعية للشعب التشادي؟
- الأزهر الشريف يستعين به العالم بأجمعه، وأؤكد بكل أريحية أن الأزهر الشريف مرجعية لنا في كل أمور وتفاصيل الدين الإسلامي، ما في شك أن بيت الله المقدس في السعودية، ولكن المرجعية الإسلامية والعلوم الفكرية هي الأزهر، لكن لو سألتيني هل نحن كتشاديين مكتفيين، لا بالطبع نحتاج إلى دعم أكبر وبعثات أكبر، جامعة الأزهر الشريف جامعة كبيرة جدا وعتيقة جدا، وهي ذات بعد روحاني ووجداني داخل عقل كل مسلم، ونحن كتشاديين من باب أولى في حاجة له، ونطالب من مؤسسة الأزهر الشريف العتيقة الكبيرة القوية، أن تفتح فروع لها في أكثر من مدينة بتشاد، وليس في العاصمة فقط.
* ماذا عن الحركة العلمية والدراسية داخل تشاد وخارجها؟
- لدينا أكثر من 8 جامعات، ومعاهد عليا ومتوسطة، وهناك درجات علمية حتى الدكتوراه، بجانب ذلك لدينا شراكة تعليمية بجامعة الإسكندرية منذ 10 سنوات، ولها فرع للعلوم التطبيقية في تشاد، كما أن هناك 3 مراكز تعليمية تابعين لجامعة الأزهر في تشاد، لكننى طالبت بفتح 8 مراكز دراسية أخرى، ولدينا 600 طلاب حصلوا على منح دراسية في مصر، بجامعات الإسكندرية وعين شمس والقاهرة والجامعة الفرنسية بالقاهرة، ومؤخرا جامعة قناة السويس، حيث تدرس 30 طالبة داخل 6 كليات مختلفة، منها الطب والصيدلة والعلوم والآداب والتجارة، وطالبنا بمنح دراسات عليا لأبناء تشاد بجامعة قناة السويس أيضا، فمصر حجمها كبير، وأعطت الكثير، لكننا ننتظر منها ما هو أكثر.
* على ماذا يعتمد الاقتصاد لديكم؟ وما هي الفرص الاستثمارية في تشاد؟
- تشاد تمتلك ثروة حيوانية هائلة جدا في المنطقة داخل قارة أفريقيا، حيث لدينا 37 مليون رأس من المواشي والإبل، لكن التصدير من جانبنا يفتقر إلي بعض المزايا حيث أن تشاد دولة حبيسة، والاستعمار أثر عليها في بعض الجوانب، ومن الممكن أن نغطى نقص كبير جدا في اللحوم داخل المنطقة ومصر. وتشتهر تشاد أيضا بالثروة المعدنية والبترولية، كذلك أكثر من 5 ملايين فدان أرض زراعية غير مستغلة، ونحن سوق مفتوح، وأؤكد أنه إذا تكاملت الإرادة السياسية في مصر والسودان وليبيا مع تشاد، لسنا بحاجة إلي بقية دول العالم، ولازلنا ننتظر من الرئيس السيسي زيارة أخرى إلى تشاد تتضمن عدد كبير من رجال الأعمال، "أنا متأكد لو شافوا الأراضي الزراعية، ونهر تشاري يصقف المياه بكل أريحية والخضرة الطبيعية، لن يعودوا وسيبقوا لدينا حتى ينالوا جزء من الاستثمار". ونحن بحاجة للعقول المصرية، ولن أنسي أبدا أنه أثناء زيارتي لدولة ألمانيا وجدت أن أكبر محطة للقطارات بها، من تصميم وتنفيذ مهندس مصري، فنحن نحتاج إلى العقول المصرية في مجال الهندسة الزراعية، وهندسة الطرق، والهندسة العمرانية، والصناعة، فمصر حاليا واصلة لدرجة متقدمة في صناعة الملابس، وتغذي تقريبا كل المنطقة الأفريقية، نريد هذه الصناعات ترتكز عندنا.
* ماذا عن المرأة في تشاد؟
- لن أكون مبالغا، ولكن الأمر بكل وضوح المجتمع التشادي به طابع البداوة، المراة لدينا هي راعية إبل وراعية أغنام، وحالبة المواشي، وهي الأم ومربية الأطفال، وهى من تحطب للطبخ، لكن لدينا أيضا نساء في البرلمان، فالمرأة أيضا سفيرة ووزيرة، ولدينا نماذج مبهرة في مجال المرأة القيادية والقائدة، مثل السيدة مريم علي، سفيرة تشاد في ألمانيا وهي مدرسة في الاقتصاد بجامعة "جمانة"، وكانت وزيرة شؤون المرأة في تشاد، والبتول زكريا سفيرة تشاد في الكويت حاليا، ومريم محمد نور أمينة الدولة بتشاد، كانت مسؤول عن إدارة أعمال ما يقرب من 23 أو 24 وزارة في الدولة، وكانت معنا في لجنة وضع الدستور في الجمهورية الرابعة في تشاد، وأيضا سيدة تشاد الأولى هيندا ديبي، التي تتجاوز إنجازاتها في عامين الـ20 عاما، و المرأة بنص الدستور في أى تكليف إدارى نسبة تكليفها لا تقل عن 35%، والرئيس ديبي وعد أن النسبة ستصل إلى 50% خلال الـ10 سنوات القادمة.
* سؤال أخير، كيف أصبحت سفيرا لتشاد في القاهرة؟
- أنا من مواليد 25 نوفمبر عام 1965، من الوسط الشرقي في تشاد، من قرية اسمها عراضة، كنت أرعى إبل والدي، فأنا راعي إبل في الأساس، واعتز بذلك، وسافرت إلى ليبيا وبدأت مشوار العلم لأول مرة في حياتي في عمر الـ15 عاما،وحصلت على إجازة في القانون عام 1977، وفي عام 1999 كلفتني تشاد بالعمل مستشار ثقافي بسفارتنا في ليبيا لمدة 7 سنوات، وعملت في تشاد مساعد أمين عام وزارة الشؤون الخارجية من 2011 إلى 2012، وبعد حصولي على درجة الماجيستير، بأربعة أعوام، جرى تكليفي سفيرا لتشاد في القاهرة عام 2018.