إن الهجمة الشرسة التى قادتها عديد من المواقع بتحريم تكريم مولد عيسى وعدم الاحتفال بالعام الميلادى الجديد واعتبار ذلك خروجاً على مبادئ الإسلام وخرقاً لقواعد العقيدة الإسلامية إما عن جهل فاضح أو تنمر واضح بالعلاقة المسالمة بين الأديان الثلاثة، التى نهى الله عن الخوض فى الشقاق بسبب مقارنة العبادات بين الأديان الثلاثة، فكان الأمر واضحاً فى سورة الحج.. «اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ».. والحقيقة أن كثيراً من أهل الجزيرة العربية، خاصة بعد انتشار الإسلام فى عصوره الأولى فيما عدا اليمن والشام قد نشأوا على بلاد وجغرافيا خلت تماماً من الأديان الأخرى، سواء كانت اليهودية أو المسيحية أو غيرهما من الديانات السائدة فى العالم أكثر من الإسلام نفسه، خاصة البوذية والمسيحية وقد أثر الخلو التام للجزيرة العربية قبل مرحلة النفط التى جلبت مسيحيين عرباً وأجانب فبدأت مواقع الخليج العربى فقط تستجلبهم وتستوطنهم فأصبحوا خاصة مع شركة أرامكو كتلة ملحوظة للعامة وبدلاً من الاختلاط والتناغم زاد التباعد والتنافر.
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصوم يوم الاثنين؟ فقال إنه يوم ولد فيه، فهنا أجاز الرسول الاحتفال بمناسبة لم ترد فى القرآن، وهى مناسبة يوم ميلاده، ولذا نحتفل بمولده رغم أن السلفية يحرمون ذلك ويعتبرونه كفراً، فما بالك لو احتفلت الأمة الإسلامية بيوم ميلاد عيسى، فقد كفروا بمن احتفل بمولد نبيهم محمد «صلى الله عليه وسلم» فهل يكثر عليهم تكفير من يحتفل بمولد عيسى؟! هذا الاعتقاد فارق كبير فلكل ما يعتقد، ألا يتذكرون أن الرسول محمداً «صلى الله عليه وسلم» حينما وجد اليهود يحتفلون بيوم عاشوراء وسأل لماذا يحتفلون فقالوا إنه يوم أنقذ الله فيه موسى واليهود من فرعون، فأمر المسلمين بصيامه قائلاً نحن أولى بموسى منهم؟ ألم يفكر أحدهم أننا نصوم بصيام اليهود احتفالاً بعيد لهم ولو رأى الرسول احتفال النصارى بمولد عيسى لجعله عيداً للمسلمين، ولكن النصارى الذين سمح الرسول «صلى الله عليه وسلم» لهم بإقامة صلاة مسيحية لنصارى نجران فى المسجد النبوى وسط دهشة الصحابة، وحينما جهز جيشه أمر الرسول الجيش الإسلامى ألا يهدموا كنيسة ولا يروعون رهباناً، وكم كانت فرحة المسلمين بانتصار المسيحيين فى دولة الروم على المجوس الفرس، بعد أن حزنوا لهزيمة المسيحيين من الفرس المشركين، فنزلت فى مسيحيى الروم سورة الروم تنبه الرسول والمسلمين ألا يحزنوا لهزيمة النصارى فسوف ينتصر أهل الديانة المسيحية على المشركين، وحينما دخل عمر بيت المقدس أبقى لهم كنائسهم وحفظ عليهم كل ما يملكون ومنع اليهود عنهم بناء على طلبهم ورفض أن يصلى فى الكنيسة حتى لا يحتلها المسلمون، وموضع صلاته أمام الكنيسة هو مسجد عمر بن الخطاب الموجود حتى الآن، وأخيراً هل يتوقف المتشددون عن هذا التعصب الأعمى؟ أم يدرسون سنة نبيهم ويتعظون به؟ مع الاعتذار لكل مسيحى آذاه كلام لا علاقة للإسلام ولا نبيه به وغفر الله لنا جميعاً.