كل شىء فى مصر الآن يدعو للتفاؤل عدا البعض منا، سواء كنا مواطنين أو مسئولين، فقد بدأنا عاماً جديداً نتمنى أن يكون مغايراً تماماً عما سبقه ويتنازل عن جميع السلبيات التى شهدها، وفى مقدمتها أن نظل مصرين على ما كنا عليه من اللامبالاة والإهمال خلال السنوات الماضية على الرغم من أنها قد انقضت ولن تعود.
خلال الأسبوع الماضى هجرت معظم برامج التليفزيون، إن لم يكن جميعها، كل القضايا التى تشغل تفكير المواطن عن واقع حياته ومستقبل أبنائه، وتفرغت تماماً لعرض «تشكيلة» من القراءات لما تقوله الأبراج والكواكب عن العام الجديد ونتائج استطلاعات الرأى والاستفتاءات التى أجرتها قبل أن يُسقط العام الماضى آخر أوراقه، والذى أصر على أن يرفع شخصيات، ليس من الخدمة لا سمح الله، بل لأعلى، قبل أن يستأذن فى الخروج بلا عودة..!
ولأن التليفزيون يمثل أكثر وسائل الإعلام جماهيرية ويُعد نموذجاً لها ويقدم كل ما يجب أن يعرفه المواطن، فإن السطور التالية تتضمن ملخصاً لكل هذه البرامج التى جرى بثها طوال الأسبوع الماضى لتعويض من فاته مشاهدتها.. فلنشاهدها حالاً:
خلال الأيام القليلة المقبلة سيلتقى «نبتون» مع «بلوتو»، مما سيجعل مواليد «برج الأسد» فى أفضل حالاتهم على عكس مواليد «برج القاهرة» وغيرهم من أبناء الوجه البحرى أو القبلى، حيث سيصاب الجميع بنكسات إحباطية بسبب حالة تراكم أكوام القمامة فى الشوارع وأمام منازلهم، إلى جانب استمرار شق فروع جديدة للنيل بجميع المدن والقرى كل لحظة أسفل الكبارى وبجوار حوائط المنازل، ليس بسبب الأمطار بل لإصرار هيئة النظافة أو غيرها من الجهات المسئولة على عدم إنشاء دورات عمومية للمياه!
حالة جنونية من الارتفاع ستشهدها أسعار كافة السلع والخدمات نتيجة أن مسئولى الأجهزة الرقابية وحماية المستهلك لا يزالون يبحثون عن اللوائح التنفيذية لتشكيل أجهزتهم للتأكد من أن الرقابة على الأسواق من بين مهام هذه الأجهزة!
ستكون امتحانات الثانوية العامة فى مستوى الطالب «الأقل من المتوسط»، باعتبار أن القبول فى الجامعات سيقتصر على الطالب «الموهوب»، وبالتراضى أيضاً، فكل شىء بـ«الخناق» إلا القبول بالجامعات فبـ«الاتفاق»!
سيدخل «القمر» فى برج أى وزارة ليتولى منصب مستشار الوزير لأى شىء ليحصل على مرتب إضافى غير مرتبه من مكان عمله الأساسى، بالإضافة طبعاً للمكافآت والبدلات وسيارة وسائق خاص!
سيبدو العام الجديد غير تقليدى بالنسبة لـ«وزيرة السياحة» التى أكملت كافة الاستعدادات لاستقبال أفواج السائحين المقبلين من «شنبارة الميمونة الديمقراطية» والتى اكتفت بزيارتها دون بذل أى جهد لفتح أسواق سياحية جديدة!
سينعم المرضى بـ«الراحة الأبدية» فى طرقات المستشفيات العامة، نظراً لانشغال وزيرة الصحة بالبحث عن «نوتة اسأل مرة علىّ» لبثها قبل بدء العمل يومياً بهذه المستشفيات وبعدها قسم «أنا لك على طول» الذى سيؤديه جميع أطباء المستشفيات!
سيكتسب «كبار السن» مرونة واضحة فى الانتقال بين المقاهى وتوكيلات السيارات وأكشاك السجائر التى احتلت كافة الأرصفة المخصصة لسير المواطنين وأتاحت لهم المرور فى وسط الشوارع بين السيارات بعد نطقهم بـ«الشهادة»!
ثقة واضحة سيكتسبها وزير التربية والتعليم فى نفسه لإرباك أولياء أمور الطلاب بقراراته المتتابعة والمرتبطة بقضية تطوير التعليم!
سيتأكد جميع المواطنين من أن الطريق لمنصب «رئيس الحى» ينتهى دائماً إلى التخشيبة فى أى قسم شرطة انتظاراً لتغيير محله المختار إلى غرفة فى «أوتيل طرة»!
هذا عن البرامج التليفزيونية التى سادت طوال الأسبوع، أما عن نتيجة استفتاءات العام فهى كالتالى:
أفضل شخصية: صاحب المعاش الذى يأمل فى أن يستقطع من معاشه قيمة البن الذى سيقدم للمعزين فى ليلة العزاء فيه فى المنزل وليس بالقطع فى أى سرادق!
أهم طبق شعبى: «الفواجرا بالشمبنيون» الذى نجحت الزوجة فى إعداده لأفراد أسرتها بعد ارتفاع ثمن الفول المدمس نتيجة جشع تجاره!!
نجم العام: أى مواطن من بين الفئات المجتمعية الأكثر احتياجاً باعتباره البطل الحقيقى الذى خاض معركتَى البقاء والبناء ببسالة وقدم التضحيات متجرداً، وتحمّل تكلفة الإصلاحات الاقتصادية من أجل تحقيق مستقبل أفضل للأجيال المقبلة خلال العام 2019 على حد تعبير الرئيس مما دفعه لإطلاق مبادرته الجديد لتوفير حياة كريمة لهذه الفئات تأكيداً لإحساسه بمعاناة المواطن وتحمله لفاتورة الإصلاح.
أفضل جهاز: ويتقاسمها جهاز العروسين وجهاز حماية المستهلك الذى نجح فى كبح جماح ارتفاع الأسعار ومغالاة التجار طوال هذه الفترة التى تستغرقها فى قراءة هذه السطور!
أنبل شخصية: «القرش» الذى حافظ على نفسه حتى الآن فى البحر، إضافة إلى ذلك «القرش» إياه الذى يضحى بنفسه «حرقاً» فى الأماكن «إياها» ليظل المواطن قادراً على الاستمرار فى الحياة!!
أكثر واقعية: وتتقاسمها جماعتان، الأولى جماعة الإخوان الإرهابية التى لا تزال فى غيبوبتها رغم تمسك أعضائها وقياداتها بقضبان قفص الاتهام ووهم عودة «العياط الاستبن».. والثانية «جمعية أم زينات» باعتبار أنها بتقبضها الأول كل شهر..!
أفضل أغنية: أحاديث وزراء حكومتنا فى التليفزيون عن الفقر والفقراء ومحدودى الدخل، واعتبارهم «خطاً أحمر» لا يمكن تجاوزه، فى حين أنهم واقعياً «خط أخضر» يتم تجاوزه بكل بساطة وسهولة!
أصدق تصريح: لا زيادة فى أسعار الكهرباء.. لا زيادة فى أسعار تذاكر السفر.. لا زيادة فى أسعار أى حاجة الآن.. ولكن بعد ربع ساعة!
أنجح هيئة: مترو الأنفاق التى نجحت فى إنهاء أعطال المترو إلى درجة عدم حدوث أى عطل فى حركته منذ أن بدأت قراءة هذه السطور حتى الآن!
أقوى اكتشاف: الاكتشاف السنوى لمسئولى المحافظات الأذكياء بأن فصل الشتاء دائماً يأتى فجأة بعد فصلى الخريف والصيف ليفاجئهم بدون الاستعداد لتطهير «الشنايش والبالوعات» لتصريف مياه الأمطار!
كانت هذه نتائج استطلاعات الرأى «كلام النجوم» عن العام الجديد وليس النجوم نفسها، إذ إننا نراها دائماً كل يوم فى «عز الظهر»، سواء على كوبرى أكتوبر أو طريق المحور أو حتى شارع مصطفى النحاس بمدينة نصر!