رغم الحوار المتميز الذى أدارته وزارة التضامن حول تعديل قانون الجمعيات «سيئ السمعة»، سيظل الأمر مرتهناً بمخرجات هذا الحوار وما ستنتهى إليه عملية تصويب القانون وفقاً لتوجيهات رئاسية أكدت أن هذا القانون صدر فى أجواء «فوبيا»، أى مخاوف، وبه «عوار»، أى ثغرات دستورية، وهذا حقيقى.
الحاصل أن وزارة التضامن وجهت الدعوة إلى حوار أمس الأول (الخميس) شارك فيه تنويعة معتبرة من ألوان الطيف السياسى والفكرى ورموز المجتمع المدنى بما يمكن اعتباره فعلاً تمثيلاً موضوعياً لكل الاتجاهات، فضلاً عن كونه حواراً مجتمعياً حقيقياً شهدت مناقشاته عرضاً لأفكار وآراء وتصورات متعددة ومتنوعة تعكس الروح المناهضة والرافضة للقانون «سيئ الذكر» من كل المعسكرات من دون استثناء.
الشاهد أن إدارة الحوار التى قام بها الدكتور ضياء رشوان، رئيس هيئة الاستعلامات، نجحت فى تقديم ترتيب منهجى عرض لمخرجات ثلاث جلسات حوارية ومقترحاتها لتعديل القانون المرفوض ثم جرت وقائع حوار مهنى على خلفيات مبادئ دولية لما يجب أن تكون عليه تشريعات العمل الأهلى وطبيعة علاقة الشراكة بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدنى، والاستقلالية المنشودة فى إطار القانون بالقطع، وإزالة كل آثار الريبة من الحكومة تجاه الجمعيات الأهلية بما فيها العقوبات المقيدة للحريات.
إذا كانت هناك اتفاقات واضحة فى الكثير من الجوانب بدت من خلال الحوار، فإن حديث وزيرة التضامن د.غادة والى أتاح المجال واسعاً لمشاعر ارتياح لدى الغالبية العظمى من المشاركين فى التزام الحكومة بنص ومضمون مبادرة الرئيس فى التحاور من أجل إجراء تعديل مناسب يزيل آثار هذه السمعة السيئة للقانون ويتيح توافقاً ملائماً لصدور قانون مُتوافَق عليه من كل الجهات.
التوافقات كانت واضحة من هذا الحشد الضخم من المشاركين ومن حضروا الحوارات الثلاثة الأخرى، ويُمكن إيجازها فى مبادئ عامة سهلة وسلسة:
- القضاء هو الحَكَم فى أى خلاف وجهة الإدارة معنية بالتوجه للقضاء فى أى إجراء متعلق بالكيان المطعون عليه.
- الجمعيات شريك للحكومة وليست جهة إدارية تابعة لها ولها حق إبداع نشاطها ولا يلزم تبعيتها لخطط التنمية بل الإضافة لها.
- إزالة القيود الإدارية المعرقلة للنشاط الأهلى.
- إزالة العقوبات المقيدة للحريات من القانون اكتفاءً بما ورد فى قوانين العقوبات والإرهاب وخلافه.
البادى أن الحكومة أظهرت نيتها فى حوار جاد ويتبقى أن تعمل على إشراك ممثلين للمجتمع المدنى فى لجنة صياغة المشروع إلى جانب الأطراف الأخرى، وستؤشر المخرجات على مدى نجاح الحكومة فى التعبير بشكل دقيق عن المبادرة الرئاسية.
يتبقى البرلمان، وصحيح أن الحوار للجميع بين كل الأطراف والقرار للأغلبية، لكن الأغلبية التى لا تضع رأى الأقلية فى الاعتبار أثناء صياغة التشريع، يصعب اعتبارها أغلبية ديمقراطية.