مشاعر جميلة.. دينية ووطنية وحضارية.. انتابت كل مَن ذهب إلى العاصمة الإدارية مساء الاثنين، لافتتاح أكبر كنيسة فى الشرق الأوسط، وهى كاتدرائية ميلاد المسيح، ومسجد الفتاح العليم الذى يعد من أضخم مساجد المنطقة.. اختلطت المشاعر المبهجة بين الأقباط والمسلمين.. كما اختلطت الدماء من قبل، سواء فى حرب أكتوبر أو فى الحرب ضد الإرهاب.. فألقى البابا «تواضروس» كلمة فى المسجد.. وألقى د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، كلمة فى الكنيسة.. وجلس الشيوخ مع القساوسة فى الحفل الفنى الذى عرض فيلم الأطفال المبهر.
ليلة جميلة عاشها المصريون دون تمييز بعد أن نفَّذ الرئيس السيسى مبادرته التى أطلقها منذ عامين بإنشاء أكبر مسجد وكنيسة فى العاصمة الجديدة بتبرعات المصريين، وكان كعادته أول مَن تبرع.. وقد ألقى «السيسى» كلمته داخل الكنيسة وسط احتفالات الأقباط وفرحة المسلمين، مشيداً بمقولة البابا «تواضروس» عندما هاجم الإخوان الكنائس بعد ثورة 30 يونيو، أملاً فى تدخُّل دولى، «وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن».. وأضاف «السيسى» أنه عندما استقر الوطن تم بناء 14 مدينة وليس كنيسة ومسجداً فقط.
لا تعارض بين الأديان والأوطان كما حاولت جماعة الإخوان ترسيخ ذلك فى أذهان المصريين على مدى تاريخها، ومقولة البابا تفنّد مثل هذه المزاعم، وهو أيضاً ما فنّده وزير الأوقاف النشيط د. محمد مختار جمعة فى اجتهاده الذى طرحه خلال مشاركته بـ«منتدى تعزيز السلم» الذى انعقد بأبوظبى الشهر الماضى، حيث أكد أن الحفاظ على بناء الدولة الوطنية فى العصر الحاضر جدير بأن يكون أحد المقاصد الكلية التى ينبغى الحفاظ عليها لتصبح «الكليات الست»، بدلاً من «الكليات الخمس»، فتكون «الدين والنفس والعقل والمال والعرض والدولة الوطنية»، لأن ضياع الأوطان ضياع للكليات كلها، وشدد وزير الأوقاف على أن ترسيخ أسس الدولة الوطنية؛ دولة المواطنة المتكافئة وتصحيح المفاهيم الخاطئة حولها، هو واجب الوقت للعلماء والمفكرين والمثقفين على حد سواء.
كل مَن ينظر إلى مناخ الوحدة الوطنية الحقيقى الذى تعيشه مصر فى عهد الرئيس السيسى يتحسر على أيام كثيرة مضت استُهلكت فى مشكلات تافهة، وأضاعت الكثير على الأديان وعلى الدولة المصرية بعد أن استهلكت الكثير من الجهد والوقت والمال، وسيذكر التاريخ للرئيس السيسى أنه كسر القواعد، وخلق عُرفاً جميلاً بالذهاب إلى الكاتدرائية لتهنئة الأقباط بعيدهم، مما يُدخل عليهم الفرحة، كما نشاهد كل عام، والأهم والأجمل فرحة المسلمين بهذه الزيارة، كما استطاع «السيسى» حل الكثير من مشكلات الأقباط التى تؤدى إلى الاحتقان الطائفى، وهو ما أبهر العالم، ورسخ قواعد قوية للتعايش بين المسلمين والأقباط، فى فترة صعبة كانت هذه الوحدة فيها هدفاً لكثير من المؤامرات.
الإنجازات فى مصر تتوالى.. ورجال الجيش والشركات المدنية يقتلون الوقت من أجل أن يسعد الشعب.. ولعل افتتاح الكنيسة والمسجد يمثل «بُشرة خير» للعاصمة الإدارية الجديدة، أو كما قال المهندسون فى فيلم حفل الافتتاح، إن المعمار هو السمة الأساسية لأى مدينة، وإن دور العبادات هى التى تعكس هذه السمة، لأنها أبقى من أى إنشاءات أخرى.
مبروك لمصر هذا التلاحم القوى، وهذا الوعى بأهمية استقرار الأوطان.. وأن هذا الاستقرار داعم للأديان وليس ضدها كما يروّج الإخوان والمتآمرون!!