إن كانت لديك القدرة على أن تصبح خزانة أسرار صديق أو حبيب فتأكد أنك صاحب سمات خاصة ونادرة ومميزة وأنك تملك قلباً ذهبياً ومشاعر ماسية وأنك من صفوة البشر.
وإذا أردت أن تعرف ما هى الخزانة ومدى احتمالها وقوتها وأنواعها فهناك الكثير؛ منها ماركات عالمية فاخرة تعيش قروناً وموجودة حتى الآن ويتسابق محبو اقتناء التحف والأنتيكات على شرائها من المزادات حيث يتفاخرون بالحصول عليها، خاصة إذا كان مالكها الأصلى من الزعماء والمشاهير القدامى، وهناك أيضاً المحلية الصنع القديمة والحديثة وتختلف طرق استعمالها من طراز لآخر فمنها ما يعمل باليد والأرقام وأخرى بالبصمة الصوتية وثالثة بالحاسب الآلى ورابعة ببصمة العين وخامسة ببصمة اليد، وتتفنن الشركات والمصانع فى استحداث طرق إغلاق وفتح الخزائن.
وخلاصة تلك الأنواع التى تختلف فى طريقة الحماية وحفظ السرية أن الجميع على مر العصور يبحثون عن خزانة لأسرارهم بجميع أشكالها.
وكاختلاف أنواع الخزائن فإن الأسرار أيضاً مختلفة ومتنوعة ومنها الشرعى والقانونى والمشبوه والآثم والخيالى والواقعى والمادى والمعنوى والمالى والمعادن النفيسة والأحجار الكريمة والأوراق الرسمية والعقود الورقية وشهادات الميلاد والوفاة وإعلانات الوراثة والوصايا ودفاتر الشيكات والصور التى تحمل أجمل الذكريات وأغلى المشاعر والهمسات والغمزات والابتسامات، وإذا كان صاحب الخزينة من الرومانسيين الغارقين فى المشاعر الناعمة فقد تضم خزانته هدايا صغيرة رقيقة مثل وردة أو فراشة أو قلم أو زجاجة عطر فارغة أو ورقة صغيرة مسجل عليها رقم أو اسم أو تاريخ أو وصف أو دفتر ذكريات. ومن المعتاد فى زمن أصبح من الصعب فيه حفظ الأسرار أو المذكرات أن يحتفظ السياسيون والقادة بمذكراتهم فى خزائن سرية بعيدة بمسافات قد تحتاج قطارات أو طائرات للوصول إليها ليبعدها عن أعين المنافسين والمتربصين والباحثين عن المتاعب والسبق الصحفى أو الذين يمارسون الضغوط على مثل هؤلاء للتلصص ومعرفة ما دار خلف الأبواب المغلقة وفى غرف الاجتماعات وأمام خرائط ترسيم الحدود واتفاقيات السلام وقرارات وقف إطلاق النار أو الانسحاب أو التنحى عن الحكم أو حتى الحصول على المساعدات المالية والإنسانية وربما العسكرية أيضاً. وكم سجلت قضايا اغتيالات ضد مجهول كان السبب وراءها خزائن الأسرار فى جميع دول العالم بل إن بعضها سجل كقضايا انتحار أو هجرة غير شرعية أو حوادث قضاء وقدر أو سكتات دماغية وقلبية وخلافه. وعودة لأجمل خزانة للأسرار ألا وهى الصديق والذى تغنى بصفاته الشعراء حيث قال أحدهم قديماً: (يا موطن أفكارى يا أجمل أشعارى يا مخزن أسرارى)، أقول إننا مهما وصلنا لدرجات علمية أو سنوات عمر أو مناصب فإن مشاعرنا تظل دائماً فى حاجة إلى خزانة بشرية تضمنا وتهدهدنا وتستمع إلينا وتحتفظ بكل ما يقلقنا وما يؤلمنا وأيضاً ما يسعدنا ويجعلنا نحلق فى سماء الأحلام والحب والأشواق دون أن تبوح بها أو تكشفها لأحد. فالخازن هو متعهد أو مسئول الخزن الذى يتولى حفظ السر وصونه. وقد أظهرت دراسة أمريكية صادرة عن كلية هارفارد للصحة العامة بالتعاون مع جامعة روشستر أعدها مجموعة من العلماء أن النتائج أثبتت أن مخاطر الوفاة المبكرة تتزايد بما نسبته ٣٥% بين الأشخاص الذين لا يبوحون بما يقلقهم أو يسعدهم وأن ٤٧% من الذين يكتمون ما لديهم من أسرار ولا يجدون من يشاركهم يتعرضون لنوبات قلبية بينما ٧٠% منهم يتعرضون للإصابة بالسرطان.
وفى المجتمعات العربية تلعب طبيعة التربية والحياة الاجتماعية التى تعودنا عليها دوراً كبيراً فى تقييد مشاعرنا وعدم البوح بها خوفاً من عدم وجود خزانة أسرار ذات مواصفات قياسية. رزقكم الله أحبتى وأصدقائى بأجمل وأوفى وأعمق وأصدق خزانة لأسراركم.