سأل أحدهم: إذا كانت هناك عربة محملة بالبضائع، وأثناء سيرها داخل أحد الأنفاق، وبسبب ارتفاع ما تحمله.. لم تستطع استكمال السير، لأنها (اتزنقت) داخل النفق.. تُرى، ما الحل المناسب لخروج العربة من النفق؟ واختلفت الآراء بين تخفيف حمولتها، وبين (فك) إطاراتها، وبين رجوعها للخلف.. وبعد نقاش طويل.. ظهر رأى مختلف تماماً، وهو تخفيف ضغط الإطارات، لتنخفض قليلاً بما يسمح لها بعبور النفق. ولقد كان الحل الأفضل والأمثل.. لأن الحل الأول غير قابل للتنفيذ العملى، لأن البضائع هى التى (زنقت) العربة بالفعل، ولا يمكن تفريغها. كما أن الحلين الثانى والثالث هما حلان غير عمليين، لأنه إذا فعلنا ذلك لاستهلكنا جهداً ووقتاً مضاعفاً فى ظل صعوبة وصول سيارات نقل أصغر لتحميل البضاعة التى سيتم تفريغها بعد (فك) الإطارات، أو العودة للخلف بسبب ازدحام السيارات فى النفق.
كان ما سبق.. هو المدخل للحديث الذى دار بينى وبين بعض الأصدقاء بعد ذلك حول الأساليب المتباينة لتفكيرنا فى حل المشكلات وإدارة الأزمات. وقد اتفق الجميع على أن نظرية المؤامرة أصبحت أهم ركائز تفكيرنا، وبالتالى تحليلاتنا للأمور، وردود أفعالنا أيضاً. وبعيداً عن الحديث عن أساليب التفكير التقليدية أو غير ذلك؛ فقد ركزنا على ما اتفقنا على تسميته «التفكير الإيجابى».. الذى يساعد على حل المشكلات بأفضل البدائل المتاحة.
التفكير الإيجابى كما اتفقنا عليه هو التفكير الذى يسمح لنا باستيعاب ما يحدث من حولنا من خلال معلومات صحيحة ودقيقة، وفى الوقت نفسه.. يساعدنا على أن ندرك الدور الذى يجب أن نقوم به من أجل إصلاح وتطوير حياتنا ومجتمعاتنا.
بعيداً عن (الفذلكة) الفكرية اتفقنا على أن التفكير الإيجابى يتجنّب بعض أساليب التفكير الأخرى، على غرار: التفكير الاضطرارى، الذى يرتبط برأى واحد دون أى بدائل بسبب أحادية النظرة والتحليل. أو التفكير الذى يعتمد على جَلد الذات.. كنوع من الهروب من الواقع وتحميل كل السلبيات على غيرنا أو على ما حدث لنا دون أى محاولة منا لتغيير هذا الواقع المفترض.
التفكير الإيجابى هو التفكير الذى لا يتأثر بالانبهار بالشكل والكاريزما والحضور، أو بالانطباعات الأولية، بقدر ما يتمسّك بالحياد والموضوعية.. وما أقصده بالحياد والموضوعية هنا هو الانحياز الحقيقى لرأى، بعيداً عن تزوير الأحداث واختلاقها.. ففى اعتقادى أن الخروج عن الذاتية والرأى الشخصى هو وهم كبير لا أساس له من الصحة. وبعبارة أخرى فأنا أتفق مع أن نكون منحازين غير مزوّرين حسبما يدعم أهدافنا أو مختلقين لأحداث تساند مصالحنا.
أصحاب التفكير الإيجابى لديهم من المهارات الفكرية.. التى تجعلهم من أصحاب القدرات على صناعة الأفكار المبدعة وترويجها من خلال وعيهم بالدور الذى يقع على عاتقهم فى المجتمع.
نقطة ومن أول السطر..
انتهى الكلام، و«لازم» نفكر!