"الإخوان والصندوق".. عندما تتحول الجماعة إلى "العشق الممنوع"
لأول مرة يخالف مشاعره وعشقه المبالغ فيه للكرسي، فدائمًا ما يحشد بالفتاوى والمؤتمرات و"الزيت والسكر"، يفعل كل ما بوسعه للوصول إلى محبوبه "صندوق الاقتراع"، فلا يترك طابورًا انتخابيًا دون أن يزحم الشعب عليه، ولكن هذه المرة يتعفف عن شهاواته، ويصبح "الصوت مالوش لازمة".
مرت مصر بـ3 مراحل من الاستفتاءات، منذ ثورة 25 يناير 2011 وإلى الآن، وجماعة الإخوان وتحالفاتها الإسلامية تحشد بالمشاركة، بداية من إعلان مارس الدستوري المؤقت في عهد المجلس العسكري، وشعار "نعم للاستقرار"، وفتاوى "غزوة الصناديق" الشهيرة، وأصبح التوصيت بـ"نعم" على التعديلات الدستورية واجبًا شرعيًا.[FirstQuote]
أما دستور 2012، فكان الصراع أشد ضراوة، فلجنة إعداد الدستور "إخوانية"، والمشاركة أصبحت واجبًا شرعيًا، وسيناريو إعداد دستور خاص بأي طريق رغم انسحاب ممثلي الأحزاب والقوى السياسية والكنيسة أصبح مفروضًا بالأمر، والقوة والحشد والحصار لإجبار هيئة المحكمة الدستورية على عدم الفصل في دعوى بطلانها كلها أمور أخرجت دستور 2012، وفي النهاية قالت الجماعة عنه "دستور الثورة".
ومع يناير 2014، تغير الوضع كثيرًا؛ فالجماعة تدعو إلى العزوف عن المشاركة، بعد رحيل رئيسها "مرسي"، وتصف الدستور المقرر الاستفتاء عليه غدًا بـ"الدستور الانقلابي"، وتدعو للمقاطعة لأول مرة، وتبغض الصندوق، ولكن رغم ذلك لا يصدقها الشارع ويتخوف من عودة الحشد للتصويت بـ"لا"، ومع تخوفات بأن تتحول أعمال المقاطعة للعنف والفوضى، بعد انتشار عمليات إرهابية كالتفجيرات والاغتيالات، وكأن الجماعة من شدة عشقها للصندوق تريد إبادته.
وقال الدكتور يسري العزباوي، الخبير السياسي، "رغم أن العقلية الإخوانية لا تعرف إلا الصندوق والانتخابات إلا أنني أتوقع أن الجماعة ستقاطع هذه المرة بشكل جاد الاستفتاء على الدستور"، وذلك لعدة أسباب، أولها نتيجة الاستفتاء بالخارج التي جاءت أغلبها بـ"نعم"، وخاصة في دول الخليج التي يوجد بها حشد إخواني ضخم كانت مشاركته ضعيفة، تخوف الإخوان من أن تؤدي مشاركتهم لزيادة عملية المشاركة السياسية في الاستفتاء فيكون نسبته أكبر من نسبة المشاركة في استفتاء 2012، وهو ما لا يريدوه حتى يروجوا إعلاميًا وللخارج بنجاح فكرة المقاطعة.
وتوقع العزباوي، أن "الإخوان" سيلجأون للعنف والتظاهرات، وقد تحدث اشتباكات مع المواطنين لإجبارهم على التصويت بـ"لا"، وقد تحدث تفجيرات، ولكن ستكون بعيدة عن لجان التصويت، لأن صدور قانون جرائم الاستفتاء وتغليظ عقوبته لـ15 عامًا كان موفقًا، مضيفًا "ليس معنى أن الإخوان سيقاطعوا الاستفتاء، أنهم لن يشاركوا بعد ذلك في الانتخابات الرئاسية بمرشح يمثلهم، والبرلمانية بمرشحين من الصف الرابع والخامس داخل الجماعة، فهم دائمًا ما يسعون للكرسي".