العالم والمنطقة في 10 سنوات.. تحالفات تتغير وقوى تنهار
الأحداث الإرهابية والأوضاع المأساوية في العالم والمنطقة مستمرة
شهد العالم تقلبات كثيرة خلال العشر سنوات الماضية خاصة منذ اندلاع الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط، مرورا ببعض مناطق شرق أوروبا، وصولا إلى الحالة المتعثرة التي تعيشها أوروبا".
ولم تكن هذه التقلبات قاصرة على التفاعلات بين القوى الدولية الكبرى بل امتد أثرها بطبيعة الحال إلى المنطقة العربية والإقليم ككل والتي شهدت تطورات دراماتيكية غير مسبوقة.
- العالم.. أمريكا تتجه نحو الصين:
على الصعيد الدولي، يرى المحلل السياسي العراقي حازم العبيدي، أن النفوذ الروسي تعاظم في العالم خاصة مع امتلاك الروس كثير من أوراق اللعب الدولية بعلاقات مميزة مع عدد من دول الشرق الأوسط، أو حتى قدرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على المناورة أمام واشنطن في كثير من الملفات الدولية مثل أوكرانيا وتحدي الغرب في قضية ضم شبه جزيرة القرم.
وقال "العبيدي" إن "ثبات النظام في روسيا واستمرارية الفكر البوتيني في مواجهة تقلبات الإدارة الأمريكية خاصة منذ قدوم الرئيس ترامب جعلت العالم يشهد تغيرات كبيرة من حيث التفاعل بين القوى الدولية".
وتابع: "إدارة ترامب لا ترى في روسيا الخطر الأول والأكبر، بل بدأت تتوجه إلى الصين وترى أن الصين هي بالفعل الخطأ الأكبر الذي ينتظر الولايات المتحدة وليس الروس كما كانوا في السابق، دون أن يقلل ذلك من حدة المواجهات السياسية والدبلوماسية بين موسكو وواشنطن".
وأوضح "العبيدي"، "ربما يكون هناك تقاسم مصالح في المنطقة بين الروس والولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط بعكس فترات سابقة كانت الكفة تميل إلى الجانب الأمريكي، في المقابل توجه أمريكي أقوى نحو المحيط الهادي أي الصين".
- أوروبا.. أزمات وانقسامات:
"أوروبا باتت تشبه الرجل المريض"، هكذا وصف الناشط الحقوقي والسياسي التونسي عبدالعزيز عقوبي الأوضاع في أوروبا، حيث قال إن "أوروبا التي كانت دوما كتلة واحدة وقوة واحدة الآن تعاني الأزمات والانقسامات".
وأضاف، "بريطانيا تعاني من أزمات داخلية بسبب مشروع اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي، وفرنسا تعاني ضعف الحكومات المتعاقبة، فضلا عن موجة من الشعبوية التي وصلت إلى الحكم أو اقتربت من دوائر الحكم في عدة دول أوروبية، والتي تسبب في صراعات داخلية أخذت بعدا مجتمعيا إلى جانب البعد السياسي".
ويرى عقوبي أن هذه الأزمات التي تحاصر أوروبا جعلت الساحة الدولية ربما تبدو فارغة لروسيا والولايات المتحدة وتصارعهما الصين بقوة.
- العالم العربي.. قوى انهارت وتمدد إلى دول إقليمية:
أما على صعيد المنطقة العربية، فكانت في قلب الأحداث المشتعلة من العالم خاصة مع انطلاق ما سمي بـ"الربيع العربي"، الذي ضرب عددا من الدول الرئيسية مثل سوريا واليمن وتونس ومصر وليبيا، والذي أثار اضطرابات كثيرة في تلك الدول نجح بعضها في الإفلات منها نسبيا فيما لم ينجح البعض الآخر.
في هذا السياق، قال الدكتور محمد جمعة، الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن "الحد الأدنى من منظومة الأمن العربي تعضعت تماما، وأصبحنا أمام واقع عربي مختلف تماما"، مضيفا، في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، "55 دول عربية أصبحت فاشلة ودول ركائز في المنطقة العربية عانت من اضطرابات كبيرة حتى لو تراجعت لكنها لا تزال تواجه مشاكل كبيرة".
وقال "جمعة"، "نفوذ القوى الإقليمية غير العربية زاد بدرجة كبيرة وأعني تركيا وإيران، لأنها تمددت على حساب الأمن القومي العربي وعلى حساب المصالح العربية".
وحول ظاهرة "الإرهاب"، قال "جمعة": "المنطقة منذ 2012 على وجه التحديد وحتى ربما 2018 تمر في فترة صعبة فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب، رأينا أن الإرهاب خطره أصبح يهدد الأمن القومي لبعض الدول، ورأينا دولة مثل داعش تمددت وأصبح حجمها يعادل ربما ضعف الدولة الأردنية في إحدى الفترات، وتسيطر على حوالي 10 ملايين نسمة في سوريا والعراق".
وقال الخبير بمركز الأهرام إن المخاطر لم تعد أمنية وسياسية فقط، بل إن هناك مشكلات في العلاقات الاجتماعية والعقد الاجتماعي، وهناك مشكلات اقتصادية، العقد المتعلق بالأمور الاجتماعية والاقتصادية بات تحت ضغط كبير".
وأضاف: "كنا فيما سبق في نمط مختلف من التداعيات عما سبق، هناك سيولة في التحالفات، فقبل الربيع العربي كنا أمام نوعين من التحالف أو المحاور ما يُسمى بمحور قوى المقاومة في مواجهة محور الاعتدال، الآن لم يعد هناك محاور، وأصبح هناك نوع من التحالفات المرنة، وأصبح هناك دول تتحالف في قضية وتختلف في قضية أخرى".
ويرى الخبير في الشؤون العربية أن المنطقة تواجه مشروعين إحداهما إيراني والثاني تركي والمشروع الثالث هو المشروع الإسرائيلي الذي يسعى لاستغلال حالة الضعف العربي، لإعادة تموضعه في المنطقة.