"مازالت تناضل".. "ماي" تنجو من اختبار سحب الثقة ثانية مؤقتا
رئيس الوزراء البريطانية
للمرة الثانية نجت تيريزا ماي، رئيسة الوزراء البريطانية من أزمة ضخمة، والتي تمثلت في سحب الثقة من حكومتها أمس، بعد يوم واحد من توجيه البرلمان صفعة قوية لها برفض خطتها للانسحاب من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، حيث أفلتت حكومة ماي في اقتراع على الثقة في مجلس العموم، بأن صوت 325 نائبا لصالح بقائها، مقابل 306 نواب صوتوا لسحب الثقة.
وكان زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن دعا إلى التصويت بحجب الثقة عن الحكومة بعد الهزيمة القاسية التي منيت بها ماي في التصويت على اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي، إلا أن حزبها التف حولها وفازت حكومتها بالثقة، وفقا لموقع "سكاي نيوز"، موضحا أن تلك النتيجة تعني أن ماي ستستمر في التواصل مع أعضاء البرلمان من مختلف الأحزاب لمحاولة إيجاد توافق حول كيفية المضي قدما في سبيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وبعد إعلان النتيجة، دعت ماي قادة الأحزاب لمحادثات حول بريكست "على الفور"، واعترفت بأن اتفاقها مع الأوربيين بشان الخروج من التكتل سقط وتعهدت بالعمل لايجاد بديل، قائلة: "علينا جميعا أن نعمل معا بشكل بنّاء لتحقيق ما يريده البرلمان"، وأنها ستطرح الاثنين المقبل بمسودة اتفاق جديد لخروج بريطانيا من التكتل، في بيان تلفزيوني لها، بحسب وكالة "فرانس برس".
ورغم الإنقاذ المؤقت، تواجه ماي معاناة هائلة لإيجاد سبيل للخروج ببلادها من هوة "بريكست"، حيث تستعد بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي يوم 29 مارس المقبل، بينما مازالت رئيس الوزراء تناضل من أجل التوصل إلى حل وسط يرضى أحزاب البرلمان، وفقا لصحيفة "جارديان" البريطانية، التي أكدن أن ماي نجت من سحب الثقة عن بفارق بسيط في التصويت.
تعد تلك هي المرة الثانية التي تنجو فيها ماي من اختبار سحب الثقة، حيث إنها في 11 ديسمبر الماضي، اتسعت رقعة الاعتراضات ضدها للمطالبات بإزاحتها من رئاسة حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا، وأخرى بإقالتها من الحكومة، وهو بالفعل ما تعرضت له، لكنها أفلتت أيضا منه بحصولها على فارق بسيط لأكثر من نصف عدد نواب الحزب زائد واحد، لتكون محصنة ضد أي محاولات أخرى لسحب الثقة لمدة عام، بحسب موقع "بي بي سي" البريطاني.
نجاة "ماي" لمرتين، يعتبر ذو دلالة خاصة في رأي الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في القاهرة، حيث أوضح أن الصحف البريطانية وصفت ذلك التصويت بأن رئيسة الوزراء خرجت من "عنق الزجاجة لكنها مازالت عرضة لانتحار سياسي"، موضحا أنه من المعروف عنها منذ توليها لوزارة الداخلية أنها لا تقبل الهزيمة حيث لقبت بـ"المرأة الحديدية".
وأكد فهمي لـ"الوطن"، أن فوز "ماي" بالتصويت مرّ بصعوبة شديدة، وهو ما يعتبر مؤشرا كونها ماضية في قيادتها للبلاد، حيث بات القرار بيدها ويد الوزراء الذين هددوا بالخروج من الائتلاف، مؤكدا أنه لا يحصنها ولا يعني نجاتها من عدم الاستمرار بالحكومة.
تلك التغييرات يطرح أمام "ماي" مسارين، في رأي أستاذ العلوم السياسية، أولها تعديل خطتها بشكل كبير فيما يخص النقاط الجدلية للخروج الآمن للبلاد، وهو السيناريو الأقرب للواقع، أما الثاني هو عرض استفتاء كبير جديد حول الانسحاب من الاتحاد، كآخر ورقة لديها.
وأضاف أن رئيسة الوزراء تحاول المناورة حاليا وإعادة طرح نفسها محددا لتشكيل الحياة السياسية بالبلاد، وهو ما يتوقف على مهاراتها وقراءاتها للأحداث، المقترن بمواقف الوزراء ومراجعتها لخطتها وتأمين شكل العلاقة مع الاتحاد بشكل آمن.
فيما طرح موقع "بي بي سي" عدة سيناريوهات للأحداث في البلاد خلال الفترة المقبلة، أولهم هو أن يكون "بريكست" بلا اتفاق، حيث وافق عليه البرلمان عقب الاستفتاء قبل عامين تقريبا يعني أن بريطانيا ستترك الاتحاد الأوروبي في 29 مارس 2019، وربما تود الحكومة على ما يحتمل تمرير تشريع للاستعداد للخروج بلا اتفاق، ولكن هذه ليست خطوة ضرورية.
"التفاوض من جديد"، هو ثان الخيارات المطروحة بأن تقترح الحكومة مفاوضات شاملة مع الاتحاد الأوروبي على اتفاق جديد للخروج، وربما تقتضي تمديد فترة المادة 50 لتأخير "بريكست"، موضحا أن ذلك يتطلب خطوتين، أولهما أن تطلب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي التمديد، وقد يمنحها الاتحاد ذلك، أما الخطوة الثانية فهي أن تقترح الحكومة تشريعا بتغيير تعريف "يوم الخروج" في قانون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، الذي وافق عليه البرلمان، على أن يصوت الأعضاء على هذا التغيير، وإذا رفض الاتحاد الأوروبي خوض مفاوضات جديدة، فسوف يتعين على الحكومة اتخاذ أي من الخيارات التالية.
وتابع أن "استفتاء آخر" هو أحد السيناريوهات المطروحة أيضا بأنه ربما تختار الحكومة بدلا من ذلك إجراء استفتاء ثان، الذي يقتضي طلب تمديد فترة المادة 50، إذ إن الوقت لا يسمح بإجراء استفتاء قبل 29 مارس ولا يمكن أن يحدث هذا تلقائيا، كما يوجد سيناريو آخر بالدعوة لإجراء انتخابات عامة، والذي يتوقف على قرار من "ماي" للحصول على تفويض سياسي للاتفاق، بشرط حصولها على تأييد ثلثي الأعضاء بالبرلمان.
وطرح الموقع البريطاني خيار "الاحتمالات الأخرى"، حيث قضت محكمة العدل الأوروبية أن من حق بريطانيا أن تسحب من جانب واحد المادة 50 وأن تلغي "بريكست"، مشيرا إلى التزام الحكومة بالبريكست، فمن المحتمل جدا حدوث خطوة كبيرة، قبل ذلك من قبيل إجراء استفتاء ثان، أو تغيير الحكومة.