بعد 100 عام على قيامها.. هل نجحت ثورة 1919؟
سؤال يستحق الإجابة من منطق تحديد الأهداف الحقيقية التى من أجلها قامت الثورة، وذلك من أجل الوصول بدقة إلى نتيجة إذا كانت تلك الثورة قد حققت تلك الأهداف أم لا.
يمكن تحديد إجابة هذا السؤال فى الأهداف التى حققتها الثورة، وهى:
أولاً: انتصار الثورة بالإفراج عن الزعماء المنفيين (سعد زغلول وزملائه)، وسفرهم لفرنسا، وإقرار مبدأ حق المصريين فى السفر للخارج.
ثانياً: تحقيق نضال المواطنين المصريين من خلال الاستقلال وانتزاع حقهم فى إدارة أمور بلادهم بأنفسهم، وصدور دستور مصرى حقيقى يعبر عنهم.
أنتجت ثورة 1919، بعد ثلاث سنوات من تحقيق الاعتراف باستقلال مصر من جانب واحد، صدور تصريح 28 فبراير سنة 1922، والذى اعترفت فيه بريطانيا بمصر كمملكة مستقلة. وهو التصريح الذى تحفّظت عليه الحركة الوطنية حينذاك لما يمثله من انتقاص للاستقلال.. فى ظل استحالة استمرار الحماية الإنجليزية من جهة، وعدم قدرة الشعب المصرى على تحقيق الاستقلال التام مرة واحدة من جهة أخرى. وقد ترتب على هذا الواقع السياسى ظهور واحد من أفضل الدساتير فى تاريخ مصر، وهو دستور 1923، كما قامت ثورة 1919 بتنمية روح الإبداع التى ظهرت فى مجالات عديدة على غرار: الفنون التشكيلية والموسيقى والغناء، وفى الآداب من خلال التطور الذى شهدته الكتابة الروائية والمسرحية.. ومدى تفاعل كل ما سبق مع قضايا الشعب المصرى بشكل مباشر.
بكل تأكيد؛ لا يمكن أن نتحدث عن ثورة 1919 دون أن نرصد أنها كانت مرحلة فاصلة؛ ترتب عليها الانطلاقة السياسية الرئيسية للمرأة المصرية وسعيها بقوة من أجل انتزاع حقوقها.. بعد أن حدث تغير جوهرى فى نظرة المجتمع لها.
وفى طريق تحقيق أهداف ثورة 1919، نجد أنها قد نجحت حينذاك فى بداية تأسيس الدولة المدنية المصرية.. دولة المواطنة.. دولة القانون قبل ما يقرب من 100 عام من الآن. وهو المطلب الذى لا يزال إلى الآن قيد البحث والدراسة والتدقيق بين المثقفين والمفكرين أنفسهم.
ما سبق، هو إعادة قراءة لكتاب الصديق العزيز د.عماد أبوغازى «حكاية ثورة 1919» الصادر قبل 8 سنوات تقريباً، وهو يعد من أهم الكتب التى صدرت خلال السنوات الماضية بشكل مبسط موجه للشباب من خلال سرد منطقى للأحداث التاريخية. وهو باكورة سلسلة «حكاية من مصر» التى أصدرتها الهيئة العامة لقصور الثقافة.
نقطة ومن أول السطر..
نحتاج دائماً إلى التوقف عند بعض المحطات التاريخية لإلقاء الضوء على رحلة المواطن المصرى فى بناء الحضارة الإنسانية من خلال لحظات الانتصار والانكسار التى تعامل معها وتجاوزها.. لما تحمله هذه الخبرات من إحياء روح الانتماء الحقيقية.