منتجون: المصانع مهددة بالإغلاق والسوق مرتبكة وأسعار «الأوروبى» اقتربت من المجمَّع محلياً
مخاوف من غلق المصانع بسبب حالة الفوضى التى تعيشها سوق السيارات
بعد أن أعلنت بعض الشركات الأوروبية عن أسعارها الجديدة، عقب الإعفاءات الجمركية الأخيرة، والتى اقتربت بشكل كبير من أسعار السيارات المجمعة محلياً، خاصة فى الفئات المتوسطة، من حيث السعر والسعة اللترية، وهى الفئة التى تُقبل عليها الشريحة الأكبر من العملاء، ألقت تلك الإعفاءات الجمركية والأسعار بظلالها على قطاع السيارات بشكل عام، خاصة مصانع تجميع السيارات، وبالتبعية الصناعات المغذية لها.
وطالب بعض الخبراء ورؤساء ومسئولى تلك المصانع بإلغاء الجمارك على المكونات المستوردة، مع منح حوافز تشجيعية تخفض من تكلفة عملية التصنيع، حتى تستمر تلك المصانع فى الإنتاج والمنافسة، خاصة أن سوق السيارات مرتبكة حالياً بسبب توقف المبيعات، وترقب المستهلك لنزول أكثر فى الأسعار.
خبراء: لدينا 18 مصنعاً والإعفاءات الجمركية تؤثر على الصناعة الوطنية.. والعمالة والموظفون مهددون بالتسريح
وقال المهندس حسين مصطفى، خبير السيارات والمدير التنفيذى لرابطة مصنّعى السيارات السابق: «إن هناك بالتأكيد تأثير سلبى على المصانع والسيارات المجمّعة محلياً بعد تطبيق (زيرو جمارك)، خاصة على السيارات الاقتصادية»، موضحاً أن تقارب السعر سيصب بالتأكيد فى صالح الأوروبى، لافتاً إلى أن المصانع التى تُجمّع السيارات فى مصر يصل عددها إلى 18 مصنعاً، يعمل بها نحو 17 ألف عامل وموظف، سواء عمالة مباشرة أو غير مباشرة، بالإضافة إلى 80 شركة صناعات مغذية رئيسية، و300 ورشة صغيرة يعمل بها أكثر من 55 ألف عامل، و20 ألف وظيفة أخرى غير مباشرة، ما بين تسويق وبيع وصيانة فى التوكيلات والمراكز المعتمدة والمعارض.
وأكد أن حجم تصدير الصناعات المغذية المصرية يصل إلى 500 مليون دولار سنوياً، كما يصل حجم استثمارات المصانع المغذية إلى 5 مليارات جنيه، مشيراً إلى أن حجم السوق العالمية فى الصناعات المغذية يصل إلى 850 مليار دولار.
وأوضح «مصطفى» أن المصانع المصرية تواجه تحديات كبيرة وتحتاج إلى تطوير وإنشاء بنية صناعية أساسية لبعض خطوط إنتاج المكونات، مثل المسبوكات وسبائك الصلب والألومنيوم لعمل جسم السيارة والمكابس، بجانب صناعة الإلكترونيات، مع إنشاء مراكز تطوير وأبحاث لاختبارات الصدمات والمعاملات الحرارية، بالإضافة إلى تحسين الكفاءة والتكنولوجيا وتدريب العمالة الفنية والإدارية، مضيفاً: «كل هذه تحديات يجب على المصانع أن تواجهها وتطور من نفسها لتنافس المنتجات المستوردة».
أصحاب المصانع: نطالب بإلغاء الجمارك على المكونات المستوردة والإعفاء من رسم التنمية لحماية الإنتاج
وأوضح أن السيارة عبارة عن مجموعة من المكونات، وبالتالى لا بد من تحديث المكونات والصناعات المغذية والوصول بها إلى جودة عالية مع السعى إلى الإنتاج الكمى، بجانب عمل شراكات مع الشركات العالمية لتصنيع أجزاء لم تُصنع بعد فى مصر، مثل المحرك، وصندوق التروس «الفتيس»، والمارش، وأجزاء الصاج من جسم السيارة، والتابلوه، وكمبيوترات السيارة.
وأكد «مصطفى» أنه فى حالة تصنيع تلك المكونات بكميات كبيرة سيتم خفض التكلفة، وبالتالى تنتعش صناعة السيارات فى مصر، ومن ثم تكون قادرة على المنافسة مع المستورد.
وأشار إلى أن «صناعة السيارات صناعة استراتيجية، وأن المصانع لا تواجه شبح الإغلاق حالياً، لكنها فى الوقت ذاته تواجه منافسة شرسة، لافتاً إلى أن لديها قدراً من المرونة يمكنها من استيعاب التطوير سريعاً وتغيير المنتج، بحيث تظل منافسة ولها العميل الذى يفضلها».
وقال: «إن غلق أى مصنع سيضر بالاقتصاد المصرى وبالعمالة»، مشيراً إلى أنه يجب على المصانع ألا تقف مكتوفة الأيدى أمام التطورات العالمية فى الصناعة، وأن تستغل المميزات الموجودة فى مصر، من موقع جغرافى وعمالة رخيصة، وتبدأ فى عمل شراكات كبيرة مع مصانع عالمية للتطوير والعمل على الإنتاج الكمى، ثم التصدير إلى الخارج.
وطالب «مصطفى» الحكومة بإلغاء الجمارك على المكونات المستوردة، لحماية الصناعة، والتى تتراوح القيمة الجمركية عليها ما بين 5 و7%.
من ناحية أخرى، قال عمرو سليمان، سكرتير شعبة السيارات بالغرفة التجارية بالقاهرة، ونائب رئيس مجلس إدارة أحد مصانع السيارات المصرية، إن مصانع السيارات تقع تحت «ظلم بين» من الاتفاقيات المتعلقة بالجمارك، مثل أغادير، والاتفاقية التركية، والتجارة الحرة مع أوروبا، مشيراً إلى أنه من غير المعقول أن تدفع المصانع المصرية رسوماً جمركية على المكونات المستوردة من 5% إلى 7%، بينما هناك سيارات يتم استيرادها ولا تدفع جنيهاً واحداً قيمة جمركية.
«مصطفى»: 500 مليون دولار سنوياً حجم الصناعات المعدنية للسيارات محلياً و850 مليار دولار عالمياً
وأضاف: «لا يوجد عدل بين السيارات المستوردة والمجمعة فى مصر، كما لا يوجد من يشعر بالمصانع المحلية، على الرغم من تشغيلها عمالة ومهندسين يقدرون بالآلاف واستثمارات تقدر بالمليارات»، مشيراً إلى أن هناك علامات تجارية كبيرة تُنتج فى تلك المصانع مثل سوزوكى، وبى إم دبليو، ونيسان، وجيب، وتويوتا، ولادا، وبى واى دى، وجنرال موتورز، وهيونداى، وجيلى، ومرسيدس، التى عادت مجدداً للسوق بعد تدخل الرئيس عبدالفتاح السيسى.
وطالب «سليمان» الحكومة بدعم الصناعة المحلية وتطبيق «زيرو جمارك» على المكونات المستوردة، أسوة بالسيارات الأوروبية، أو التى تستورد من المغرب، وأيضاً إعفاء المصانع من رسم التنمية المفروض على المكونات، حتى تتمكن من خفض التكلفة والأسعار، وتستطيع منافسة المستورد، مشيراً إلى أن مواصفات السيارات التى تُنتَج فى مصر مثل مثيلتها فى دول العالم، وتخضع لإشراف ومراجعة من الشركات الأم.
وقال: «إن المصانع المصرية تُطبق كافة المواصفات العالمية، ومواصفات الأمان بها موجودة طبقاً للمواصفات العالمية»، لافتاً إلى أن المصانع الآن تعمل بنصف طاقتها، مطالباً وزارة الصناعة بالدعم حتى تصل بالإنتاج إلى كامل طاقتها ومن ثم تعميق الصناعة».
وأكد أن هناك مصانع مغلقة بالفعل، مثل «النصر للسيارات» و«جاك»، لافتاً إلى أن «بى إم دبليو» ستوقف إنتاج بعض الطرازات المعفاة من الجمارك، ومن المتوقع أن تواجه بعض المصانع الأخرى شبح الإغلاق بعد تطبيق «زيرو جمارك» وانخفاض الأسعار، مشدداً على أن المصانع المصرية بها استثمارات ضخمة وعمالة وموظفون ومهندسون تم تدريبهم على أعلى مستوى، وتابع: «من غير المعقول أن تغلق هذه المصانع وأن تسرح موظفيها وعمالها وتقطع أرزاقهم».