فى مراحل التعليم قبل الجامعى، يوجد النظام المعروف باسم «نظام المنازل» للطلاب الذين لا يستوفون نسبة الحضور المدرسى، ويبدو أن هذا النظام بمثابة عقوبة لهؤلاء الطلاب على عدم استيفاء نسبة الحضور. وفى مرحلة التعليم الجامعى، يوجد نظام الدراسة عن طريق الانتساب، ويطبق على فئتين: أولاهما، فئة الطلاب الحاصلين على مؤهل جامعى الراغبين فى دراسة تخصص آخر فى ذات الكلية أو فى كلية مغايرة (المادة 77 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات). أما الفئة الأخرى، فتشمل الحاصلين على الثانوية العامة الذين لم يحققوا الدرجات المطلوبة للالتحاق بالدراسة النظامية فى الكلية، حيث يجوز لهم الانتساب إلى كلية الآداب أو الحقوق أو التجارة (المادة 88 من اللائحة). وفى كلتا الحالتين، تكون الرسوم الدراسية مرتفعة بالنسبة لطلاب الانتساب عنها بالنسبة لطلاب الانتظام، وذلك على الرغم من قلة الخدمات الدراسية المقدمة لهم. ويمكن إرجاع السبب فى ارتفاع الرسوم إلى أن مجموع الطالب بحسب الأصل لم يكن يؤهله للالتحاق بالكلية، أو أن الطالب قد سبق له الحصول على مؤهل جامعى، ولا يجوز له بالتالى أن يستفيد ثانية من أى دعم قد تتحمله الدولة.
والملاحظ فى كل من نظام التعليم المنزلى ونظام الانتساب أن الأمر يقتصر على مجرد قراءة الكتب المقررة مع حضور الامتحانات فقط. فلا توجد خدمات دراسية عن بُعد، كما أنه لا يوجد استشاريون تربويون أو جامعيون يمكن للطالب أو لذويه الاستعانة بهم. ونعتقد أن الموضوع يحتاج إلى تنظيم وتطوير الخدمات التعليمية المقدمة لهذه الفئة ولغيرهم ممن تضيق بهم مقاعد الدراسة، لا سيما أن ثمة عجزاً فى عدد المدارس التى تحتاج إليها الدولة، كما أن مدرجات المحاضرات فى بعض الكليات قد تضيق بعدد المقبولين. وقد يشكل «التعليم عن بُعد» وسيلة للحد من الازدحام المدرسى وتعويد الطلاب على الاستفادة النافعة من خدمات الإنترنت. ويمكن تطبيق نظام «التعليم عن بُعد» بشكل جزئى فى إحدى أو بعض المواد الدراسية فقط. ويمكن النظر إلى ذلك كوسيلة لاختبار تطبيق نظام «التعليم عن بُعد» والجامعات الافتراضية التى بدأت تنتشر وتزدهر فى العالم كله، تزامناً مع الثورة التى حدثت فى مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وقد بدأ ظهور هذا النظام عام 1999م، فى جامعة نيويورك، بكلية افتراضية واحدة من كليات الجامعة، حيث حققت التجربة نجاحاً كبيراً، الأمر الذى دفع العديد من الدول إلى إنشاء جامعات افتراضية بالكامل تعتمد على شبكة المعلوماتية فى تقديم خدماتها التعليمية، ونعتقد أنه من الملائم تنظيم التعليم الإلكترونى من خلال قانون متكامل، كما حدث فى العديد من الدول الأجنبية. ففى دولة الفلبين، صدر القانون رقم 10650 المؤرخ فى التاسع من ديسمبر 2014م بشأن التعليم عن بُعد (Open Distance Learning Act). وفى ولاية ألينوى الأمريكية، صدر القانون رقم (0339-097) بإضافة قسم جديد بعنوان «برامج التعليم عن بُعد» (Remote educational programs) إلى القانون المدرسى. وفى ولاية تينيسى، قام السيناتور جريشام بتقديم مشروع قانون بعنوان «المدارس العامة الافتراضية» (The Virtual Public Schools Act). والمأمول هو أن تبادر وزارة التعليم العالى أو وزارة التربية والتعليم أو أحد أعضاء مجلس النواب الموقر إلى إعداد مشروع قانون بشأن التعليم عن بُعد. والله من وراء القصد.