يطل على زبائن المكواة من شباك غرفته: «عيد» مش سعيد
«عيد» يمارس عمله من شباك منزله
من شباك غرفته الكبير، الذى يقع فى الدور الأرضى، يطل عيد محمد، يومياً على المارة بالشارع، مرتدياً ملابس المنزل، ومن أمامه تستقر مكواة ومنضدة. يملأ ملامح وجهه الملل من تكرار الطقوس نفسها يومياً، فينتظر أن يأتى أحد جيرانه ببعض الملابس لكيها.
لم يجد الرجل صاحب الـ60 عاماً، طريقة يتخلص بها من الشعور بالملل والفراغ، الذى أصابه بعد زواج أولاده، وخروجه على المعاش المبكر من عمله موظفاً فى مصنع للصناعات الزجاجية، سوى أن يفتح مشروعاً صغيراً يشغل به وقته، وفى الوقت ذاته يعد مصدر دخل له بجانب معاشه، الذى يصل إلى ألف جنيه.لم يعتَد «عيد» كى ملابسه الشخصية قبل افتتاح مشروعه: «طول عمرى، مراتى وأولادى اللى بيكووا ليا الهدوم، لحد ما بقيت كل يوم باقعد القعدة دى، ساعات أشتغل بـ50 جنيه، وساعات بـ10 جنيه، وأهو أحسن من القعدة على القهوة، ولا البيت من غير شغلة ولا مشغلة». بالتقسيط، قام «عيد» بشراء مكواة بالبخار، موصلاً أسلاكها بمفتاح كهربى يصل إليه من شباك غرفته، لتساعده على كى قطع أكثر من المكواة العادية، التى كان يعمل بها فى البداية.
مشروع «عيد» الذى انطلق من شباك غرفته، لم يكن الأول فى حياته، فسبقه مشروع بقالة، استمر لفترة ثم تراجع عنه: «قفلته علشان الناس كانت بتاخد بضاعة ومابتدفعش فلوس، لكن المكواة أسهل ومش محتاجة مجهود، أى حد ممكن يشتغلها».
بفارغ الصبر، ينتظر «عيد» يوم الاثنين، الذى اتخذه إجازة أسبوعية، حيث يزوره أولاده ويرى أحفاده، ما يمنعه مؤقتاً من الشعور بالملل: «طول الأسبوع مفيش حاجة أعملها غير المكواة والتليفزيون.
الحياة بعد المعاش مملة جداً، لكن اليوم اللى باشوف فيه أحفادى بانسى كل حاجة، وبيملوا عليا حياتى».