«دار الكفر ودار الإيمان».. نظرية وقتية حولها التطرف لرؤية دينية
«دار الكفر ودار الإيمان».. نظرية وقتية حولها التطرف لرؤية دينية
«دار الإيمان ودار الكفر» نظرية دينية وضعها العلماء الأوائل في وقت سابق وفقًا لظروف زمنهم، إلا أن جماعات الإسلام السياسي حولتها لنظرية دينية شاملة وأصل من أصول التدين، فبدأت بتلقينها لشبابها باعتبارها رؤية عقائدية رغم أنها لا تغدو أن تكون أمرًا سياسيا يختلف باختلاف الزمان.
يقول الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر: «تقسيم العالم إلى ديار إسلام وديار كفر، فكر نشأ في وقت وظروف معينة لم تعد موجودة الآن، فلا يصح الحكم على الأديان إلا بنصوصها، فذلك التصنيف لم يرد في القرآن أو في السنة أو لدى أصحاب النبي، وإنما منشأه كان واقعًا عاشه العالم عندما سادت الفوضي في العلاقات الدولية، حيث اضطر المسلمون حينها أن يقولوا بلادنا دار إسلام، أما البلاد الأخرى المتربصة بالإسلام وببعضها البعض، فهي دار كفر.. لكن واقعنا تغير».
وأشار الإمام، إلي أن الواقع الذي نبع منه ذلك التصنيف تغير إلى الوضع الحالي للعلاقات السلمية الدولية، لذلك فإنها مقولات ذهبت لمهب الريح.
لينك الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=q9CUQLp_d6g
الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، قال:«هناك تطور جديد نتيجة التواصل مع العالم، فلم تعد فكرة تقسيم العالم إلى دار إيمان ودار كفر فكرةً صالحة لزماننا؛ لأنه بالنظر الفقهي القديم نلحظ فيها نوعًا من الارتياب ضد العالم الإسلامي ولم يكن الإسلام قد انتشر بشكل كبير، ولكن الآن نلحظ وجود المسلمين في كل دول العالم».
وأوضح أن الإمام النووي تكلم عن هذا التقسيم واعتبر وجوده لغرض مواجهة الخوف وعدم الأمن لدى المسلمين، ولكن بما أن المسلم صار آمنًا في إقامة شعائره وقد أمنوا على أنفسهم في تلك البلاد، فلم تعد هذه الفكرة الآن محل اعتبار، بل ينبغي ألا تطرح وأن يعاد النظر في الموروث الفكري لهذا التقسيم، بل إن الإمام الرازي رحمه الله أنكر هذا التقسيم وقال إنه الآن أصبح أمة دعوة وأمة إجابة.
وتابع: «للأسف الشديد فإن الجماعات المتطرفة ما زالت ترى هذا التقسيم الذي يقسم العالم إلى دار إسلام ودار حرب، وأنها الوحيدة التي على صواب وما عاداها يجب أن يُقصى ويفنى، وهم مع ذلك يقتلون حتى المسلمين فأصبحوا في تناقض عقلي».
وتابع:«مجتمعاتنا ليست بدار كفر ولا دار حرب كما تزعم الجماعات الضالة، بل ديار سماحة ومحبة وأخوة يعيش فيها المسلمون مع غيرهم تحت مظلة الوسطية، وترفع فيها شعائر الدين ولا تغيب عنها أحكام الشريعة».
وأصدر دار الإفتاء فيديو «موشن جرافيك» للرد على المصطلح أكدت فيه أن هذا المصطلح مجرد اصطلاح فقهي ورد النص عليه في بعض الكتب التراثية ضمن سياقات مكانية وزمانية محددة، وليس من ثوابت الشريعة ولا منصوصًا عليه في الكتاب ولا السنة.
وأشارت الدار في فيديو الرسوم المتحركة الجديد أن تقسيم المجتمع إلى دار كفر ودار إسلام أصبح لا مبرر لوجوده في ظل العلاقات والمواثيق الدولية الحديثة.
وشددت الدار على أن علاقة المجتمعات المسلمة مع المجتمعات الأخرى قائمة على التعارف والتعاون، ورعاية مبدأ العلاقات الدولية والمشتركات الإنسانية بعيدًا عن الصراع أو الصدام؛ وذلك تطبيقًا لقول الحق تبارك وتعالى «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا»، وقول النبي «اللهم ربَّنا وربَّ كلِّ شيءٍ، أنا شهيدٌ أن العبادَ كلَّهُم إخوة».
لينك الفيديو: https://youtu.be/E3cANw_D2hw
الدكتور محمد عبدالفضيل القوصي عضو هيئة كبار العلماء، وزير الأوقاف الأسبق أن المشكلة تكمن لدى البعض في العودة لعصر قابيل وهابيل بعد أن نقلنا الإسلام لعصر التعارف بين البشر، موضحًا أن الديار انقسمت، إلى كفر وإيمان، وأصبح يوجد ما يسمى بفقه الديار، وأصبحت له مؤلفات تحدد دار الإيمان ودار الكفر، وهو منافي تمامًا للفكر الإسلامي الذي يوسع من التصديق ويقلل من مداخل الكفر.
وأضاف: الأزمة الثانية هي تحول اختلاف البشر من التنوع إلى التضاد، فالخوارج انطلقوا من آيات نزلت على الكفار وطبقوها على المؤمنين، فيأخذون بالألفاظ العامة إلى نتائج خاصة، وهي أخطر ما في التفسير والسبب الرئيس للتكفير.