أول كلية طب أنشئت فى مدينة أبو زعبل عام 1827 برئاسة الطبيب الفرنسى كلوت بك، وكان الطلبة من جامعة الأزهر حيث يوجد مترجم فرنسى يترجم التعليم الفرنسى إلى اللغة العربية، وكانت هذه أول محاولة فى مصر لتعريب العلوم وأول كلية طب فى قارة أفريقيا والشرق الأوسط. ولقد احتفلت المهنة وكلية طب قصر العينى، التى نُقلت من أبو زعبل إلى قصر العينى فى المنيل ثم توسعت وتم بناء قصر العينى الجديد على مساحة واسعة وعلى طول ما يقرب من 750 متراً، احتفلت المهنة عام 1978 فى 18 مارس بالعيد 150 لإنشاء كلية الطب واعتبرت المهنة هذا التاريخ عيد الطب المصرى، وتم الاحتفال فى 18 مارس 79، أول عيد حضره الرئيس المرحوم أنور السادات، وحضر بعد ذلك 80، 81 وأنعم بالأوسمة على عدد من رموز المهنة التى كانت تفخر بهم مهنة الطب.
نظام التعليم الطبى فى مصر كان تقريباً مثل نظام التعليم الطبى الفرنسى والإنجليزى وكان للخريجين منزلة خاصة فى مستوى التعليم، وأكاد أقول الالتزام بآداب المهنة وقَسَم الأطباء العظيم وتمتع الأطباء فى مصر بمستوى مادى معقول نتيجة للعمل الخاص فى عياداتهم، وكانوا فى ذلك الزمان يراعون الظروف الاجتماعية للمواطن ولا يحملون المريض أكثر من طاقته، وانتشرت المستشفيات الخاصة التى كانت تقدم علاجاً جيداً وبتكلفة معقولة.
وقامت ثورة 52 وطبقت شعار الدكتور طه حسين أن التعليم ضرورة مثل الماء والهواء لكل إنسان وتوسعت الجامعات ولم تلتزم بمواصفات الجامعة المعلومة للجميع فأى مدرسة ثانوى أو مبنى قديم يقام به كلية الطب وتكون ناقصة للمعامل والمستشفيات الجامعية ويتم اعتبار أى مستشفى فى المحافظة مع مبنى مدرسة ثانوى كلية طب وتبدأ الدراسة دون استكمال مقومات الدراسة الجيدة وبدأت الكليات وعلى رأسها كليات الطب فى قبول أعداد فوق طاقة التعليم والتدريب الجيدين وكان المبدأ هو أن تقبل أعداداً كبيرة وتترك للمستقبل حل هذه المشاكل واستكمال الكليات وإنشاء المستشفى الجامعى ولو على مدى سنوات طويلة وتخريج أطباء ناقصى التعليم والتدريب وبدأت الشكاوى من الجامعات الخاصة ومن بينها المجلس الطبى البريطانى لطلب تفاصيل عن كليات الطب المصرية واعترفوا إلى الآن بأربع كليات فقط من عدد كليات الطب الحكومية (22 كلية) ولقد قامت بعض الكليات بالرد على المجلس الطب البريطانى وتأخر عدد آخر فى الرد.
حدثت مهزلة كليات الطب الخاصة حيث قامت جامعتان ببدء القبول فى كليتين دون مستشفى ودون معامل مستقلة وأدى ذلك إلى أنهم اتفقوا مع بعض المستشفيات الخاصة ليقوموا بتدريب أطباء السنة التدريبية، وكذلك تدريب النواب، ودخلنا فى صراع قانونى وقضائى وألزمناهم ببناء مستشفى وتم بناء مستشفى متواضع أقل من 300 سرير بينما تخصصات الطب وصلت إلى 32 تخصصاً، وعقدوا اتفاقيات تدريب لأطباء السنة التدريبية مع قصر العينى وعين شمس، ومهزلة أخرى كلية طب الأزهر بأسيوط ليس لها مستشفى وتدريب الطلاب والأطباء فى مستشفى أسيوط الجامعى الذى يضيق بخريجى كلية طب أسيوط.
فى ظل هذا الوضع المتأزم وحرص نقابة الأطباء على المستوى العلمى والمهنى لأعضائها والتمسك بتاريخ هذه المهنة العظيمة، التى أنجزت قمماً فى الداخل والخارج فى جميع بلاد العالم، والتى شاركت وأدت إلى تعظيم المستوى الطبى فى عدد من البلاد العربية فعلاً عن تعليم أبنائهم والذين يذكرون مصر بكل الخير.
طالبنا ولا نزال نطالب الدولة بخفض أعداد المقبولين فى كليات الطب الحكومية والخاصة وحصلنا على خطاب رسمى من السيد وزير الصحة بأن الوزارة فى غير حاجة إلى أكثر من ثلاثة آلاف طبيب سنوياً لاستبدال أطباء المعاش والخدمات الطبية فى المحافظات الحدودية ومع ذلك لا تزال تقبل العدد المهول وغير معترف به دولياً ولا يحدث فى أى بلد يسعى إلى الارتقاء بمستوى المهنة وهو 12 ألف طالب بزيادة أربعة أمثال ما تستطيع وزارة الصحة استيعابه فضلاً عن تدريب وزرع القيم الإنسانية والتفانى فى خدمة المواطن كما توقفت الوزارة عن رفع أجور الأطباء لما يوفر لهم العيش الكريم ويحصنهم ضد مخالفة القواعد الإدارية والخلقية والإنسانية، وأسمع اليوم عن جشع بعض الأطباء فى عياداتهم ومستشفاهم ولا بد من تدخل الدولة لوضع قواعد تتبع فى العمل الخاص ويلازمها مرتبات مجزية للأطباء، خصوصاً الشباب.
وفق الله الجميع لما فيه الخير للبلاد وللمواطنين.