تمر ذكرى عيد الحب كل عام بين ساخر منها ومن مظاهرها وبين مستمتع بها، وبين آخر منتظر حدوثها بحياته لتجلب معها رياح السعادة والبهجة والفرح، فى تشوق لهذا الزائر العظيم: (الحب).
جميل أن يكون للحب عيد واحتفال ولون أحمر دافئ وقلب بالمشاعر دافق. لكن الأجمل أن يتغلغل الحب إلى قلوبنا وأرواحنا، يملأ تلك الشرايين بدماء وطاقات تعين على صعاب الدنيا وآلامها. جميل أن تضحك ملامحنا وتطرب آذاننا لجميل أغانى الحب والغرام والهيام.
لكن للحب معانى أخرى أشمل وأجمل، الحب أكبر وأرحب من حصره فى علاقة الرجل والمرأة، الحب لا يستطيعه الجميع، حيث إن الحب الحقيقى خليط من الرحمة والإيثار والغفران والتضحية.
الحب الحقيقى من مكارم الأخلاق، الحب يعلم الإخلاص والوفاء والصدق، فالمحب لا يخدع، الحب عبادة وتقرب إلى الله، فالحب يبدأ من عند الله وينتهى عنده سبحانه. بمحبة الله ترضى بالأقدار وتتيقن أن جميع ما يصيبك هو من رب محب مهما صعبت الحياة وتوترت فإن محبة الله تجلب الثقة والاطمئنان والأمان وتجلب الصبر والأمل وتساعد على السعى وتخطى المعوقات.
القدرة على المحبة نعمة عظيمة، القلب المحب طيب لين رحيم، وكل أفعال الخير تعود إلى نفس مُحبة. جائزة المحب فورية، عندما تخرج من قلبك نبضات المحبة للآخَر تعود إليك حاملة أضعافاً من إشارات الخير والارتياح.
الحب يجلى الوجدان وينير الوجوه، الحب به مسحة مقدسة وهالة نور لا تخطئها القلوب أبداً (حتى الغليظة منها أو قليلة الخفقان!!).
المحبة تصدر من قلب المحب تجاه كل شىء، للطير والشجر قبل البشر، وتكون للجبال والهواء والشمس والجماد والحجر، فالمحبة لا تتجزأ. المحبة تخرج من قلب طاهر نقى لا يغل ولا يحسد ولا يراقب ولا يحقد، فالمحبة والخبث والشر لا تجتمع أبداً.
المحبة أن تضع نفسك مكان الآخر وتعذره، المحبة أن تقبل كل الاختلافات بصدر رحب ولا تصدر أحكاماً على الناس، المحبة تجعلك راغباً فى مساعدة الآخرين وإنقاذهم وفعل الخير.
المحبة تجعلك مطمئناً على إنسانيتك وقيمك وصفاء روحك وسماحة نفسك، المحبة تكشف أى كذب أو ادعاء أو تلفيق، فالمحبون ينير الله عقولهم وقلوبهم بنور الإيمان.
ليس ضرورياً أن تحب وتعشق وتذوب هوى بشخص بعينه، بل الضرورى جداً جداً ألا تؤذى أحداً ولا تحقد ولا تكره، ولا تعادى، أقم الصلاح والتقوى واستقم بأمر الحب والود للوجود جميعاً. فالحب إيمان وعقيدة ومذهب، جعلنا الله وإياكم من المحبين الطيبين الساعين للخير والود والعطاء.