تتعرض مؤسسات صناعة الرأى العام فى دول الشرق والغرب والعرب إلى انتكاسات علنية فى تعاملها مع القضايا الجماهيرية المهمة التى تفرض نفسها كل يوم على المجتمعات المحلية والإقليمية والدولية، حيث أصبح من المعتاد عجز المؤسسات عن التعامل مع المعلومات وتعديل التوجه العام للجمهور الذى يسير فى طريق المجهول.
وأصبحت مزاجية الجمهور تتجه إلى تصديق وتبنى الآراء المتشككة المتخوفة من أصحاب السلطة والمال والسلع والخدمات دون الانتباه إلى الحقائق الموضوعية واعتماداً على ضجيج إعلامى ضخم تثيره الشائعات واختلاط الرأى بالخبر وفبركة الأحداث والصور وتأخير دائم من الجهات المعنية عن تقديم الحقائق والآراء الموضوعية وشخصنة التناول للأحداث بما يضيع الوقائع الصحيحة.
والطرق الإيجابية فى التعامل مع صناعة الرأى العام تعتمد على امتلاك وسائل الإعلام والإغراق برسائل اعتمدت على مصادر ونخب محترمة تواجه الأكاذيب بالحقائق فى نسق يتوافق مع الثوابت الاجتماعية واستراتيجية النظم السياسية والاقتصادية والتجارية الواضحة والمتوافقة مع الصالح العام.. وقد تعرضت جميعها خلال السنوات الثلاث الماضية إلى زلزال مدمر حيث لم يعد التفاعل الإعلامى قاصراً على وسائل الإعلام واستسلمت الدول لإضعاف وسائل إعلامها لصالح آليات التواصل الاجتماعى وتناقضت قرارات صناع القرارات بشدة مع الثوابت الاجتماعية حيث نرى القرار أو السلوك وعكسه، واستبعدت النخب المحترمة وغابت الاستراتيجيات الواضحة!
زاد تخبط الجمهور وصناع الرأى العام على الساحة بلا بوصلة واضحة فانقسموا إلى فريقين.. الأول يجنح إلى آليات الدعاية والبروباجندا الصارخة الصاخبة الخاوية من المضمون والمعتمدة على الصخب اليومى مثل (هبلة ومسكوها طبلة) والفريق الثانى تعمد تجاهل توجهات الرأى العام وتقديم قضايا معينة بإلحاح ودون تنوع أو إبداع بطريقة (لا أرى ولا أسمع ولا أتكلم إلا ما يريد المالك) وكلاهما فشل وانصرف عنه الجمهور الذى يبحث عن الحقيقة والرسالة الإعلامية المبدعة والمصلحة العامة والثوابت الاجتماعية.
والمؤكد أن العودة للأساليب الإيجابية فى التعامل مع الرأى العام والاعتماد على الكفاءات الوطنية المبدعة هما الطريق الوحيد لاستقرار المجتمعات وعلاج حالة التخبط وانصراف الجمهور المندفع لطريق مظلم.. ندعو الله للبشر بالخير.. والله غالب.