الأستاذة الدكتورة وزيرة الصحة
الأستاذ الدكتور وزير التعليم العالى
الأستاذ الدكتور وزير المالية
الأستاذ الدكتور نقيب الأطباء
أيها الإخوة الكرام، نحن جميعاً أولاد مصر الكبيرة والعظيمة، مصر التى أثبتت أنها تحرص عل مواطنيها، والتى أثبتت، فى السنوات الماضية، أنها على استعداد أن تضحى بالغالى والرخيص فى سبيل أن تحقق ما يحلم به الوطن من مستقبل باهر، ومن تاريخ مشرف. كانت مصر -ولا تزال- عاصمة الدنيا، وقائدة تاريخ العلم والحضارة.
لا يجوز فى هذا التاريخ أن لا نجد التعاون والتآلف بين قطاعات الوطن. وأضرب لذلك مثالاً بقطاعَى التعليم والصحة اللذين التزم رئيس مصر بأن يكونا نصب عينيه فى النهوض، لأنهما أساس تنمية البشر، التى هى الأساس الضرورى لنهضة الوطن.
أضرب مثلاً بالصحة، رئيس الدولة له مبادرات كثيرة فى مجال الصحة، فحص مائة مليون مواطن وأكثر لاكتشاف فيروس سى فى الكبد، واكتشاف ارتفاع ضغط الدم والسكر وعلاجهما، «نور حياة» لكشف البصر وعلاج ما لا يقل عن خمسة ملايين تلميذ ومواطن، وبدأت القوافل الطبية فى العمل، مبادرة التأمين الصحى الشامل لكل مواطن فى فترة خمسة عشر عاماً، بدأ العمل فيها فى أربع محافظات، وكل عام يضاف عدد من المحافظات حتى تتم تغطية كل المحافظات فى خمسة عشر عاماً.
طالبنا، وطالب غيرنا، بأن تهتم الدولة بتدريب تخصص الممارس العام، أو طب الأسرة الذى هو الأساس، والذى يعتمد على الرعاية الصحية للأسرة من حديثى الولادة إلى السن المتقدمة، حيث تتم معالجة معظم المشاكل الصحية التى تصيب الأسرة على يديه، ويقوم بتحويل الحالات المتخصصة، مثل أمراض القلب والمخ والأعصاب والأورام والحالات العاجلة، إلى المستشفى والمتخصصين.
يمكن للطبيب الممارس العام معالجة ورعاية من 60% إلى 70% من الحالات المرضية التى تصيب أفراد الأسرة، وكذلك تشخيص ومعرفة الحالات الصعبة التى تحتاج للمستشفى أو للمتخصص، والذى هو أساس التأمين الصحى الناجح. كل هذا فى ظل نظام لا يسمح بالتزاحم والانتظار لفترات طويلة لاستقبال التشخيص والعلاج، مع حسن اللقاء وحسن الفندقة والتجهيز للعيادات المجمعة والمستشفيات التى تتبع الدولة، وتنافس مستشفيات وعيادات القطاع الخاص، لأن التأمين سيشمل الجميع، من الصغير إلى الكبير، ويستقبلهم أطباء أُحسن تعليمهم وتدريبهم ويحصلون على مرتبات لائقة توفر لهم حياة كريمة وتحميهم ضد التجاوز، مع عدم تحميل المرضى أعباء غير ضرورية، ومراجعة الأداء بصفة منظمة، والاتفاق على سياسة دوائية تحقق أقصى قدر من الانضباط، وتوفير الدواء المناسب الخالى من الآثار الجانبية، وعدم تعارض الأدوية مع بعضها.
لا بد أن تكون هناك هيئات تقوم بمراجعة أداء المناطق المختلفة، ويمكن تطبيق النظام الإنجليزى فى منح العاملين فى التأمين مكافأة سنوية على حسن الأداء ورضاء المنتفعين، كما نحتاج لضخ موازنة كافية للصرف على الصحة واكتشاف الأمراض والوقاية والعلاج. وأهم الأعمدة فى هذه القضية المهمة والضرورية لسعادة الإنسان، هم البشر المشاركون فى توفير أعمدة الصحة والوقاية وتوفير الخدمات الصحية الحديثة والنافعة.
إعداد الأخصائى المهنى يتطلب التدريب فى مراكز العلاج على أساسيات الصحة ووسائل العلاج والتشخيص والوقاية والأخذ بكل ما هو جديد. ويتم فى هذه الأمور، وفى معظم بلاد العالم، توفير التدريب الإكلينيكى على المرضى لجميع الأطباء، واقتراح عدد من السنوات لكى يستكمل الطبيب قدراته على التشخيص والعلاج فى مختلف فروع الطب. كان الطب فى الماضى يشمل الطب الباطنى والطب الجراحى والطب الوقائى. وأصبح هناك أكثر من 32 تخصصاً، نأخذ العين مثلاً، هذا العضو الصغير والمعجز، هناك تخصص لمقدمة العين (القرنية)، وتخصص للعدسة (الكتاركت)، وتخصص للجسم الزجاجى، وتخصص للشبكية، وتخصص للعصب البصرى. كذلك الحالة بالنسبة لباقى الأعضاء، فهناك أكثر من سبعة تخصصات لمريض الجهاز الهضمى: المعدة، القولون، الكبد، المرارة، التدخل الطبى بالمنظار، اختبارات الدم، التى ترتفع فى بعض الأمراض التى تصيب القولون والمعدة والبروستاتا. ولهذا طالبنا فى مؤتمر الفيوم فى عام 1978 بأن تنشأ شهادة الزمالة المصرية فى كافة التخصصات التى تعتمد على برنامج تدريبى فى فترة من أربع لخمس سنوات فى مستشفى معترف به، ويتم فى أثناء التدريب امتحان الأصول العلمية لهذا التخصص، ويعقب ذلك التقدم للامتحان النهائى للتدريب لمن أمضى فترة التدريب بطريقة مرضية، والمهارات الخاصة فى هذا الجهاز، مثل المنظار فى حالة المعدة والقولون، ووسائل التشخيص الضرورية، مثل استخدام رسم القلب عند الاشتباه فى إصابة الشرايين التاجية. كنا فى ذلك الوقت نتحدث عن استكمال التأمين الصحى، وليس لدينا متخصصون فى الممارسة العامة وطب الأسرة، وشجعنا على إعداد المتخصصين وتدريب الأطباء.
ذكرنا من قبل أن مهنة الطب يمارسها أطباء أُحسن تعليمهم وتدريبهم للعناية بالإنسان وتحقيق أقصى قدر من السلامة، مع اهتمام الدولة بعلوم الطب وممارسته الممارسة الجيدة والعادلة بواسطة أطباء منتمين لهذا التخصص عن قناعة ورغبة فى مساعدة الغير والاجتهاد فى تحقيق أقصى قدر من العلم والتفوق.
وإعداد الطبيب، كما ذكرنا، يشمل مرحلة ما قبل التخرج، ومعرفة العلوم البيولوجية التى يعتمد عليها الطبيب فى إجادة العلوم الطبية، ويشمل أيضاً التعرف على المرضى بمختلف الأمراض، والأعباء الصحية، ثم المالية، وأن نميز الفارق بين مختلف الأمراض التى تهاجم جسم الإنسان وكيفية الوقاية منها، مع التعرض المبكر للعلاج والمتابعة. ويأتى هنا دور الطبيب الذى يجيد التعرف والتشخيص والمتابعة للأمراض التى تصيب مختلف أجهزة الجسم، ويعلم إمكانياته فى توفير الشفاء، والحاجة إلى أخذ رأى المتخصص الذى مر بمراحل كثيرة، منها المتخصصون من العلماء الذين يهتمون بالعلوم وبأساسيات المرض وكيفة الوقاية، إلى المهتمين بوسائل العلاج والشفاء والأخذ بالجديد فى التشخيص والعلاج، وهذه آليات دائمة التقدم، ودائمة اتخاذ وسائل جديدة فى التشخيص والإنجازات ووسائل العلاج.
وسائل العلاج مكلفة جداً فى اختراع أو ابتداء علاج جديد، وقد تصل تكلفة العلاج الواحد فى تجربة الإمكانيات العلاجية الآمنة إلى مئات الملايين من الدولارات. ولهذا تهتم شركات عالمية بالبحث فى الاختراعات الجديدة، وهى شركات متعددة الجنسيات ومتعددة الثروات، وقد تصل إلى دواء جديد يحتاجه البشر بما يمكّنها من ابتلاع شركات أخرى كبيرة. ومع ذلك فإن الاهتمام بالبحث العلمى فى مجال الأدوية وأجهزة التشخيص هو ضرورة لكل دولة تريد أن تشارك فى البحث العلمى الجديد، مع ضرورة التقدم فى الوقاية والعلاج من الأمراض المنتشرة التى تختلف من دولة إلى أخرى حسب مستوى تقدم الأفراد والعناية بالصحة وتحسن ظروف البيئة والنظافة ونفايات الصناعات ونظافة الماء والصرف الصحى.
الزمالة المصرية: أول مرة تم فيها الحديث واقتراح الزمالة المصرية كانت فى مؤتمر التعليم الطبى للنقابة، ولجنة التعليم الطبى بالمجلس الأعلى للجامعات فى عام 1978، واقتُرح برنامج الزمالة فى الجراحة والأمراض الباطنية تحت إشراف الجمعية الطبية المصرية أسوة بالزمالات المهنية البريطانية فى الجراحة والأمراض الباطنية MRCP - FRCS والحاصل عليها عدد من الأخصائيين المصريين، وهى شهادة مهنية لا تعطيها الجامعة ولكن كليات الجراحة والأمراض الطبية، وهى تجمعات مهنية غير حكومية، ولكنها تهتم بمستوى أداء المهنة. وعرضنا هذه القرارات على التجمعات المهنية للحاصلين على الدكتوراه وشهادة الزمالة البريطانية، ولكن لم يتحمس لها أحد. غير أن تجمع وزراء الصحة العرب فى الجامعة العربية أخذ هذا الاقتراح ووافق على إنشاء الزمالة العربية، ورفضت مصر -مع الأسف- الاشتراك فى هذا المشروع. ومنذ ذلك التاريخ والحوار مستمر بين كليات الطب، والمجلس الأعلى للجامعات، ووزارة الصحة. ووضعت كليات الطب العراقيل للاشتراك فى هذا المشروع، رغم أن أعداداً متزايدة اشتركت فى الامتحانات للزمالة العربية التى أصبح معترفاً بها فى معظم البلاد العربية، ثم تفضلها عن الماجستير المصرى. نحن فى النقابة حاولنا أن نقوم بدور التقارب بين كليات الطب المصرية ومجلس الزمالة العربية، وأوشكنا فعلاً على الاعتراف المتبادل، لكن لم يكن هناك جهد يُبذل من الجانب المصرى.
وزارة الصحة، فى عهد الدكتور إسماعيل سلام، بدأت المحاولة من جانب واحد، أسوة بالزمالة العربية التى يشرف عليها «وزراء الصحة العرب». وسعى السيد الوزير مع الدكتور كمال الجنزورى، رئيس الوزراء وقتها، باستصدار قرار بتشكيل اللجنة العليا للتخصصات الطبية، وتتكون لها كوادر بمساندة الجامعات ومساعدة نقابة الأطباء، وهذه الزمالة إلى الآن عمرها 41 عاماً، قبلت عدد 8098 مصرياً حاصلين على الزمالة، و568 من العرب، وعدد الأطباء المصريين الجارى تدريبهم 8327، والعرب 850، ثم جاء المجلس الأعلى للجامعات ونتج عنه، عن طريق اقتراح لجنة التعليم الطبى بالمجلس الأعلى، إنشاء الزمالة المصرية بنفس النظام الحالى، ومستشفيات للتدريب معترف بها، ومجالس علمية للتخصص تضع برنامج التدريب والمهارات التى يجب أن يحصل عليها الطبيب، ثم الامتحان فى نهاية أربع أو خمس سنوات، حسب التخصص، ويعاد التدريب مرة أخرى فى حالة نقص التدريب أو عدم الكفاءة.
يا أهل الطب، ويا أساتذة الجامعات، ويا مسئولى الصحة، ويا نقابة الأطباء، هل عُرض عليكم هذا المشروع قبل صدور قرار رئيس الوزراء الحالى، وقرار رئيس الوزراء الأسبق، بشأن صدور نفس القرار من وزارة الصحة؟ أى إن هناك قرارين بإنشاء الزمالة المصرية، أحدهما يطبق منذ 21 عاماً، وخرّج نحو 8098 خريجاً من المصريين و568 من العرب، وعدد الأطباء الجارى تدريبهم فى النظام الحالى 8827، ومن العرب 850. وحصلت الزمالة المصرية الصادرة من وزارة الصحة على خبرة إدارة التدريب والامتحانات وتحقيق طلبات وزارة الصحة فى استكمال نقص الخريجين فى التخصصات التى بها نقص. والنظام الحالى لديه عدد من المستشفيات التابعة لوزارة الصحة وللجامعات ولهيئات معترف بها للتدريب، وهل سيكون هذا العصر هو عصر عدد 2 زمالة من 2 مصدر تنفيذى؟ وحصل عدد غير قليل من الأطباء المصريين والعرب على الشهادة الأولى، فماذا سيكون موقفهم، ما هو موقف القيادات الصحية التى شاركت وتشارك بحماس وهمّة فى هذا المشروع، هل هذا جهد مهدر؟! هذا خطاب للسيد وزير التعليم العالى، والأساتذة الكرام أعضاء لجنة التعليم الطبى بالمجلس الأعلى للجامعات، والسيد نقيب الأطباء العميد السابق بكلية طب قصر العينى، وللسيد المحترم رئيس الوزراء.
أرجو أن يتم اجتماع عاجل من المسئولين عن الزمالة القديمة للصحة والزمالة الجديدة للتعليم العالى، ومحاولة إيجاد حل مشترك يجمع من بين الدراستين، ويحافظ على الحقوق المكتسبة للأطباء المحترمين الذين وثقوا بالدولة، وأن لها قراراً واحداً، ويتم التنسيق بين مراكز اتخاذ القرار، حتى يكون الموقف لا يدعو إلى الخجل.