شُيعت ظهر الاثنين الماضى 18/2/2019 جنازة الأستاذ الدكتور محمد أبوزيد الفقى، وتوشحت قريته والقرى المجاورة ومحافظة كفر الشيخ بالحزن لرحيل رجل الكرم والعطاء ومفجر التعليم الأزهرى فى المحافظة، وأستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر، والعميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بكفر الشيخ، وأصدرت جامعة الأزهر الشريف بياناً لنعى الفقيد.
ولد رجل الخير والعطاء يوم 11 سبتمبر عام 1949، بعزبة «البهنسى» بقرية «الفقهاء القبلية»، مركز «سيدى سالم» بكفر الشيخ، وحصل على ليسانس الدعوة الإسلامية، وترقى فى المناصب حتى أصبح عميداً لكلية الدراسات الإسلامية والعربية بكفر الشيخ.
وللفقيد تجربة عظيمة تدفع شبابنا نحو الأمل والإصرار والعزيمة، حيث نقلت لى تلميذته الصحفية الأستاذة نيرمين الشال أنه قضى الخدمة العسكرية ولم يكن التحق بالتعليم، ومع ذلك اجتهد وتعب وعاد بقوة وعزيمة فالتحق بسلك التعليم حتى وصل إلى ما وصل إليه من شهرة ومكانة.
وللفقيد -عليه سحائب الرحمات تترى- باع طويل فى مجال العمل الخيرى والخدمى، فقد أشرف من خلال تعاونه مع مؤسسة محمد رجب للأعمال الخيرية على تأسيس 155 معهداً أزهرياً، وكليتين أزهريتين بكفر الشيخ والدقهلية، وعمارتين فى مدينة البعوث الإسلامية، وساهم جزئياً فى بناء نحو 4000 معهد أزهرى فى جميع أنحاء الجمهورية، وكان مشرفاً على مشروع زراعة النخيل على مستوى الجمهورية لسد الفجوة الغذائية فى مصر، وأسهم فى رفع المعاناة عن آلاف الأسر والبسطاء والفقراء والمحتاجين والأرامل من خلال ترؤسه لعدة جمعيات خيرية، خاصة فى محافظة كفر الشيخ وخارجها.
كما أسهم فى إنشاء معهد الأورام بكفر الشيخ، ومن فتاواه التى تدل على فهمه الواعى وحرصه على مصلحة الناس أنه أفتى بتحريم تكرار الحج والعمرة لأهالى كفر الشيخ قبل الانتهاء من إنشاء معهد الأورام.
وعلمياً كان الفقيد محباً للإمام محمد عبده ومنهجه، ومقرباً من الإمام الأكبر الراحل الشيخ جاد الحق على جاد الحق، وكان له نقد على بعض المذاهب السائدة فى الأزهر، وكان يرى أن إعمال العقل فى بعض القضايا ألصق به تهمتى «الاعتزال» و«العلمانية»، اللتين عانى منهما طوال حياته، وسواء اختلفنا أو اتفقنا حول بعض آرائه العلمية فإن الرجل اجتهد وأفاد بعلمه وعمله الخيرى.
وللفقيد تفاعل بقلمه ومقالاته وحواراته الإعلامية وموقع «مصر اليوم»، الذى يرأس تحريره، فكتب يعارض إنشاء كلية «الدراسات العليا» بالقاهرة، لأنها أدت -فى رأيه- إلى هروب الطلاب من كليات الأقاليم والصعيد، لمعرفتهم أن الأسئلة ستخرج من القاهرة، وهذا لم يمنعه من تقدير الأساتذة الأجلاء الذين يعملون بها فى القاهرة.
كما عارض فكرة «الخطبة المكتوبة»، ورأى أنها لا تمنع الانحراف الفكرى، وكانت له وجهة نظر فى اختيار القيادات الدينية، فرفض أن يكون الشخص وزيراً أو قيادياً دون أن يمر على ساحة الإبداع والابتكار والتجربة والممارسة كحال بعض الوزراء فى مصر.
وفى مقال له وجه رسالة إلى السيد رئيس الجمهورية قال له: «سيادة الرئيس أنت مسئول عن سلامة ركاب السفينة التى تقودها، وأطالبك بتغيير القيادات فى الأزهر والأوقاف، لأنك تعلم الغليان الموجود بين الناس بسبب ما يحدث فى الأزهر، بالإضافة إلى غليان الأسعار، حتى تؤتى المشاريع العظيمة التى قمت بها نتائجها الطيبة».
وقبل وفاة الفقيد ظهرت فى الأفق بوادر مرحلة جديدة يشهدها الأزهر الشريف لتقديم خطاب دينى جديد يرجع مكانة الأزهر وقيمته بعد سنوات من الاهتزاز.. رحم الله الفقيد جزاء ما قدم، وأمطر عليه شآبيب الرحمة والغفران.