م الآخر| دولة الغريب (2).. السقوط
إنها مكة، المدينة المقدسة.. هنا الآمان الذي يتوزع على أهلها، إنها مدينة الأمن والآمان والرحمة والعدل، فجأة يقترب قائد القرامطة، فيتغير اللون الأبيض إلى الأحمر.. الدم يعم كل مكان.
يبتسم القائد:
- اليوم يثبت للعالم والخليفة العباسي، لأن القرامطة قادمون، لا أحد اليوم فوق القراطمة، إنهم سينشرون أفكارهم في كل مكان، اليوم ستعم تعاليم الإمام، اليوم ستعم المساواة الحرية، إنها الدولة التي جاءت من أجل العالم.
إن القرامطة، هي الدولة التي استهلم منها ماركس أفكاره والشيوعية.. أن الظلم مهما طال سوف ينتهي، دولة الظلم ساعة دولة العدل لقيام الساعة.
هاجم القرامطة، مكة المكرمة وانتزعوا الحجر الأسود من الكعبة وبابها، وقاموا بأعمال دموية بشعة فقتلوا من الحجاج 30 ألفًا، ثم عادوا لديارهم ومعهم الحجر الأسود، ووضعوه في كعبة بديلة في الإحساء، ليحج إليها الناس.
القرامطة، هي فرقة سياسية دينية من غلاة الشيعة، أسسها حمدان بن الأشعث الملقب بقرمط، نشأت دولة القرامطة في منطقة الإحساء في شبه الجزيرة العربيةن وجعلوا مركزهم في جزيرة "أوال".. كان القرامطة، قوة عسكرية بدوية تعتمد في حياتها على الغارات التي تشنها على الدول المجاورة.
وكان القرامطة، من ألد أعداء العباسيين، وصاروا يهاجمون الخلافة العباسية في العراق، حاولوا الاستيلاء على دمشق سنة 289، بقيادة أميرهم زكروية، ولكن الخليفة العباسي المكتفي استطاع التصدي لهم، وقتل قائدهم زكروية سنة 290.. وفي عهد الخليفة العباسي المستكفي، عام 905 - 292، توسع القرامطة فسيطروا على شرق الجزيرة ومصر، وبدأوا يتجهون إلى الشام وأسسوا مركزًا للدعوة في الرملة في فلسطين، وسيطروا على سيناء واقتربوا من القلزم.
فجأة تنتهي الدولة وتسقط دولة الأدراسة في أعماق التاريخ، وترجع خطوة إلى الخلف.. وقعت تحت سيطرة الخليفة الأموي في الأندلس، ليزيد الخليفة الناصر من قوته وتنتهي الدولة الصغيرة في المغرب، وهي تعتبر دولة الحلم، فهي حلم إدريس الأول وحلم الأمازيغ في إنشاء دولة إسلامية قوية.. دولة يكون فيها الناس سواسية لا فرق بين عربي وأمزيغي.
دولة تقوم على المساواة مثل الخلافات الراشدة، بدلًا من الخلافة العباسية التي ميزت العرق التركي والفارسي، على العرق العربي، وكانت في الحقيقة بداية دولة الأدارسة قوية، ولكن مع الاستمرار يأتي الضعف والوهن.
إن الحضارة تظل في الصعود حتى تصل إلى حد معين، وبعدها يبدأ الهبوط التدريجي، فالدول مثل البشر لها أعمار.. إن الدول تشيخ كما يشيخ الإنسان وتموت.
إن أزمة الحضارات أنها تبني قواعدها على عوامل انهيارها التي تأسست عليها، فمع انتشار الرفاهية ينتشر الوهن، وتكون النجاة على يد حاكم مجدد، الذي جدد شباب الحضارة ويبتعد عن الفنون ويبني القوة العسكرية، حيث إنها كما تحتوي على عناصر القوة، تحتوي على عناصر الضعف، فرغد العيش دائمًا ما يمهد للفساد والانهيار.
وانهارت دولة الأدارسة وانقسم الجيش، وهرب الأمراء وانقسمت الدولة إلى دويلات، كل أمير يحكم ما تحت يده.