أشرف هلال.. محافظ ضد الثورة
هو أصغر محافظ فى مصر؛ إذ ولد فى الجيزة عام 1970، تولى منصبه فى أعقاب ثورة يناير، مما جعل الكثيرين يستبشرون خيراً بتعيين أحد الشباب فى منصب محافظ المنوفية، تلك المحافظة كبيرة الكثافة، كثيرة المشاكل، غير أن المحافظ الشاب فاجأ الجميع بتكريم سلفه فى المنصب اللواء سامى عمارة، المحسوب على النظام السابق، والملقب بـ«رجل أحمد عز»، مما دفع الجميع للتساؤل عن موقف أشرف هلال المحافظ الذى خدمته الثورة بتعيينه فى منصبه، من الثورة نفسها.
لم يتطلب السؤال وقتاً طويلاً للإجابة عليه، إذ سرعان ما اصطدم المحافظ الشاب بشباب الثورة فى محافظته عندما نظم شباب ائتلاف تلا، وعدد من شباب 6 أبريل بالمنوفية، وأعضاء من حزب الجبهة الديمقراطية، وقفة احتجاجية لمنعه من حضور أحد المؤتمرات احتجاجا على تدنى مستوى الخدمات بمركز تلا، وحصول المدينة على المركز الأخير فى مسابقة أجمل مدينة والتى نظمتها المحافظة، إلا أنه فاجأ المتظاهرين ودخل المؤتمر من الباب الخلفى للسرادق، فتجمع الشباب فى وسط السرادق وقاموا برفع لافتات تندد به، فلم يتمالك نفسه هذه المرة ووقف يخطب بحماسه واصفاً إياهم بـ«القلة المندسة» قائلاً «لقد حذرونى من الحضور لتلا لكنى أصررت على الحضور لأنى جاى وسط أهلى الذين يحبوننى أما من يرفعون اللافتات وعاوزين يبوظوا المؤتمر دول قلة مندسة وعاوزين يخربوا البلد».
صدامه مع الجماعات الثورية فسره البعض بموقف تلك الجماعات منه عندما وزعت حركة 6 أبريل بالمنوفية أكثر من 6 آلاف منشور تستنكر فيها إهمال المحافظ لمشاكل المحافظة، ويتهمونه بالشو الإعلامى، مؤكدين أنه منذ أن وطئت قدماه أرض المحافظة وهو لا يسير إلا والكاميرا خلفه. الأمر الذى دفع المحافظ لأن يتعامل مع تلك الجماعات بالمثل، فاصطدم بهم واصفاً إياهم بـ«القلة المندسة».
وكما لم يستطع المحافظ الشاب أن يتفهم ثورة الشباب على سياسته، فإنه لم يستطع أيضاً أن يتفهم ثورة أهالى قرية صنصفط مركز منوف عليه بعد إصابة المئات منهم بالتسمم، وما جاهروا به من أن التسمم سببه مياه شرب ملوثة تسعى عبر مواسير حكومية تصلهم حتى منازلهم، ورغم أن المحافظ الشاب أمضى عمره كله يتنقل بين المناصب القضائية، فإنه لم ينتظر نتيجة تحليل المياه لتنفى كلام الأهالى أو تؤكده، وإنما سارع بالإعلان عن أن «الأزمة محدودة»، وأن «الشائعات تتحمل جانباً كبيراً من الموضوع»، محملاً متظاهرى «24 أغسطس» المسئولية فى ترويج تلك الشائعات، الأمر الذى استفز المواطنين، ودفعهم لمحاصرته بمستشفى الحميات رافعين فى وجهه زجاجات مياه من التى يشربون منها، فما كان منه إلا أن قال إنه على استعداد لتقديم استقالته ولن يعمل إلا بعزة وكرامة.
عزة المحافظ وكرامته دفعتاه لأن يعيد النظر فى تصريحاته التى استبق بها جهات التحقيق، فأصدر قراراً بوقف جميع العاملين بمحطة مياه القرية المصابة، وإحالتهم جميعاً للتحقيق، ربما تهدأ ثورة الأهالى فى المحافظة.