شهر مارس من كل عام هو شهر ملىء بالمناسبات الخاصة بالمرأة، فقد حددت الأمم المتحدة ٨ مارس كيوم عالمى للمرأة تخليداً لنضال عاملات النسيج فى أمريكا، ما يقرب من قرنين من الزمن ناضلن من أجل حقوق عمل متساوية فى الأجر وسقطن شهيدات، وفى مصر أعلن ١٦ مارس يوماً للمرأة المصرية تخليداً لذكرى سقوط أول شهيدة فى مظاهرات الاستقلال عام ١٩١٩، بالإضافة إلى ٢١ مارس كعيد للأم، وما إن يبدأ شهر مارس حتى نسمع أرق الكلمات الدالة على دعم مطالب وحقوق المرأة، سواء من المسئولين أو المثقفين بل إن للجميع دافعاً شخصياً، فالمرأة هى أمه وابنته وأخته، لفترة طويلة كان يشغلنى سؤال هام، وهو إذا كنا مهمات هكذا ومحاطات بكل هذا الدعم والعناية لماذا وضع المرأة يتحسن بصعوبة شديدة، وفى بعض المجالات نتحرك فى المكان دون تقدم يذكر، فعلى مستوى المشاركة السياسية نعم حدث تحسن، لكن على مستوى العنف المنزلى نسير من سيئ إلى أسوأ، فبين كل اثنتين من السيدات تعرضت واحدة للعنف فى مجال العمل، فالبطالة بين النساء ثلاثة أضعاف الرجال، بل نسب دخول المرأة سوق العمل ما زالت محدودة حتى إننا لأكثر من خمس سنوات نقف عند نسبة ٢٣٪.
الحقيقة وبعد فحص ومحص ومقارنة بين الواقع العملى وجدت أن السر فى الكلام اللطيف من المسئولين بأنهم يرون المرأة هى الأم والزوجة والابنه، ولا يراها زميلة العمل أو رئيسته فى الشركة أو رئيسة المصلحة أو الحزب السياسى، هو لا يراها قاضية على المنصة أو قائدة فى سلاح الهندسة الجوية، رغم الآلاف من الشابات الدارسات للقانون ولهندسة الطيران، نعم المشكلة فى اقتصار رؤية الرجال، خاصة المسئولين للمرأة أنها الأخت والبنت والأم والزوجة، هى نظرة أمينة ومحبة لكنها مليئة بالحب والعطف والحماية، وتفترض الضعف فى النساء والشفقة وبالتالى اتخاذ قرارات تعسفية لحمايتها، والحاجة إلى الوصاية، وهو توجه يؤدى للأسف للتمييز ضد المرأة والنيل من حقوقها بل والعنف ضدها سواء عن دون قصد أو بقصد، ففى قضية بتر جزء من جسم البنات باسم الختان من المؤكد أن أب البنت ليس شريراً يريد أذيتها لكنه يحبها ويريد حمايتها، وفى القضاء على مستقبل طفلة بتزويجها تحت السن أبوها لا يريد حرمانها من مستقبل أفضل بل بالتأكيد يعتقد أنه يحميها، وفى حرمان شابة نابهة من العمل من المؤكد أن أباها ومن بعده زوجها يعتقد أنه يريحيها ويحميها، فى حرمان سيدة من دخول مجال عمل أو الترقى فإن المسئول ليس وحشاً يكره النساء ولكنه يعتقد أنه يحميها ولا يريد لها التعب.. أيها الرجال المحترمون نحن نقدر حبكم ولكن لا نريد هذه الطريقة فى التعبير عن حبكم، نريد ونسعد أن نكون أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وزوجاتكم فى المنزل، ونريد أيضاً أن نكون زميلات عمل على قدم المساواة، رئيسات عمل على معايير الكفاءة، إذا غيرتم طريقة تعبيركم عن الحب عندها فقط سنحتفل معاً بيوم المرأة ونتحدث عن إنجازات قمنا بها معاً.