تعلمون سيادتكم أن مصر تُعتبر من أكثر الدول التى يتعرض أبناؤها إلى حوادث الطرق، وأننا نفقد نحو ثلاثين ألف إنسان سنوياً ما بين قتلى ومصابين إصابات جسيمة، وأن هذا يرجع إلى أسباب تتعلق بالطريق والسيارة والعنصر البشرى.
وسبق أن ناقشنا هذا الموضوع عدة مرات فى لجنة الصحة بمجلس الشعب التى كنت أتشرّف برئاستها لأكثر من عشرين عاماً، بالاشتراك مع لجنة النقل وبحضور ممثلين عن وزارة الداخلية ووزارة الصحة ووزارة الحكم المحلى، وصدر قانون المرور الذى لم يطبَّق، واستمرت الحوادث فى تصاعد سنوياً، خصوصاً فى الأماكن السياحية التى يصاب فيها عدد من السائحين من بلاد صديقة هى أقطار السياح الذين يحضرون لمصر للاستمتاع بجوها الجميل وإمكانيات السياحة الأثرية والشاطئية، مع حرص السائح على الانتقال من جنوب الوادى إلى شاطئ البحر الأحمر، وتتعرض سيارات الأوتوبيس لحوادث الطرق، من قنا وسفاجا إلى البحر الأحمر، ومن أسوان إلى أبى سنبل، فضلاً عن الحوادث التى تحدث على الطرق الصحراوية والزراعية ومداخل المدن وداخل الشوارع.
لقد تم اقتراح إنشاء المجلس الأعلى للحوادث على الطرق يشارك فيه ممثلون عن وزارة الداخلية (المرور وتطبيق القانون) والصحة (الحوادث والإسعاف) والحكم المحلى (مداخل المدن والطرق داخل المحافظات). وكانت مهمة هذا المجلس الإشراف على الطرق. والحمد لله، تم الكثير فى الفترة الأخيرة، مثل إنجاز عدد من الطرق الصحراوية، والطرق التى تربط المحافظات بتقنية بالغة الإعجاز، وتبقى الطرق فى داخل المدن والمحافظات، وهى تحتاج استثمارات كبيرة، وكذلك كان هناك مشروع إلغاء المقطورات من سيارات النقل، والتى تسبب حوادث كارثية على الطرق، خصوصاً عند تجاوز حدود السرعة المسموح بها، وقد أُعطيت مهلة عامين لإلغاء المقطورات، ولم يتم ذلك بسبب شكوى رجال الأعمال لأن المقطورات ضرورية لنقل البضائع من المحافظات ومن الموانئ إلى داخل القطر، مع العلم بأن التشريع طالب بدعم النقل بواسطة قطارات البضائع، باعتبارها أسلم وسائل النقل وأكثرها فاعلية، وكذلك النقل عن طريق البواخر النيلية واستخدام النيل وفروعه وإنشاء موانئ على نهر النيل، وأعتقد أنه تم القليل فقط فى هذين المطلبين.
العنصر البشرى هو الأهم فى هذه القضية، ويشمل السائق الذى يجب أن يلتزم بتعليمات المرور والقانون، ويجب أن تتم المحاسبة على المخالفة فى نفس اليوم، وباستخدام كاميرات المرور التى تسجل المخالفة، ويتم التحصيل على عنوان المنزل أو العمل أو فى الطريق فى نفس مكان المخالفة بواسطة رجال المرور، واستخدام العقوبة على الرخصة بعمل ثقب فى كل مخالفة تتم، وإلغاء الرخصة نهائياً إذا جمع السائق عدداً من هذه الثقوب باعتباره غير لائق لقيادة السيارة، كذلك التوسع فى استخدام الكاميرات وإشارات المرور المرقمة، ويجب أن يكون هناك سائق احتياطى إذا كانت الرحلة طويلة، أكثر من أربع ساعات، ووضع تثبيت سرعة للأوتوبيسات السياحية على 80 كيلو فى الساعة، وكذلك عربات النقل الثقيل وصاحبة المقطورات تثبت السرعة لها من 60 إلى 80 كيلو فى الساعة، حسب حمولة السيارة وضخامتها.
من المهم كذلك التأكيد على المواطنين باحترام القانون، الدولة تتوسع فى بعض الأحيان فى إنشاء كبارى علوية للمارة الذين يريدون الانتقال من ناحية إلى الناحية الأخرى فى الطريق، وفى بعض الأحيان تُنشأ أنفاق فى الأماكن المزدحمة، ولكن نادراً ما يستخدم المواطن هذه الأساليب الحضارية، ويفضّل المرور بين السيارات، وبعضها يكون مسرعاً وتحدث حوادث كثيرة، لذلك قمت بعمل إحصائية عن عدد المارة فى الشارع الذين يستخدمون الرصيف ويتبعون إشارات المرور عند العبور من ناحية إلى أخرى مع استخدام المسارات المخصصة لذلك، ووجدت أن نسبة واحد إلى أربعة فقط يحترمون قانون المرور، والباقى يتسكعون فى الشارع ولا يحترمون إشارات المرور، بينما فى أى بلد عربى سافرت إليه وآخرها فى المغرب أفاجأ بأن سلوك المواطن العربى تجاه قانون المرور فى بلده شديد الاحترام والالتزام، ولا أكاد أجد جندى مرور أو ضباط مرور فى الشارع كما يحدث فى مصر.
هذه الظاهرة فى القاهرة وغيرها من المدن هل سببها تقاعس فى تطبيق القانون، هل هو نقص فى التربية والتوعية للمواطن، هل هو نقص فى سيارات المرور التى تطوف الشوارع وتطبق المخالفات خصوصاً مخالفات السرعة واستخدام مسارات عبور المشاة وفشل تجربة الرادار؟! وفى رأيى أن التصوير بكاميرات المرور أكثر فاعلية، والتحصيل الفورى للغرامة أكثر الوسائل أهمية فى تحقيق الانضباط.
سيادة رئيس المجلس، أرجو أن يتضمن قانون المرور الجديد التأكيد على المجلس القومى لمكافحة حوادث الطريق، والاستخدام المتوسع للكاميرات، وحصر المخالفات، والتحصيل الفورى للغرامات، والاستخدام الرقمى لإشارات المرور، وتثقيب رخص القيادة فى كل مخالفة وحرمان صاحبها من القيادة إذا جمع عدداً من الثقوب.
ملاحظة إضافية:
كتبت هذه الملاحظة قبل حادث القطار، وأقر بالمستوى المتواضع الذى وصلت إليه هيئة السكة الحديد إدارياً وفنياً ومادياً، وهى تحتاج إلى شخص فى مستوى الفريق كامل الوزير الذى له تاريخ مبهر فى حسن الأداء وسرعته.
وأرجو أيضاً أن يكون الأمان على الطرق ضمن مسئولياته العاجلة، وإحياء هيئة الأمان على الطرق، ونقل البضائع بالقطار وبالبواخر النيلية، وإلغاء المقطورات، ونقل الحوادث بالهليوكوبتر فى المناطق البعيدة، وإلغاء حوادث الأوتوبيسات فى المناطق السياحية بتثبيت السرعة من 60 إلى 80 كيلومتراً فى الساعة، مع وجود سائق احتياطى فى السفريات التى تزيد على أربع ساعات.
وفق الله إلى ما فيه خير الوطن والمواطنين.