قوانين رادعة لمواجهة «مملكة الكيف».. «الضرّيبة» تحت حصار العدالة
مجلس النواب يواجه الإدمان بتشريعات صارمة
دخلت الحكومة سباقاً مع الزمن لسن تشريعات جديدة أو تعديل وتطوير التشريعات القائمة التى مرت عليها فترات طويلة لمواجهة المتحكمين فى مملكة «الكيف» رغم أن القوانين كثيرة ومتشعبة، بعضها يبدأ بالغرامة للحد من انتشار التدخين «شيشة وسجائر»، والأخرى، تقود مباشرة إلى «حبل المشنقة» بالنسبة لترويج مخدرات «الكوكايين والهيروين»، وتسعى الحكومة لمواجهة الأجيال الجديدة للمخدرات، بتشريع جديد يغلق الأبواب أمامها، ويحول دون انتشارها.
ويعد القانون رقم 182 لسنة 1960، الخاص بمكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، من أهم القوانين لمواجهة «أباطرة الكيف»، لأنه يتضمن عقوبات رادعة ومشددة تصل للإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة فى حالة الاتجار بالمخدرات، وحال استغلال من لم يبلغ 21 عاماً فى جرائم الاتجار، أما فى حالات التعاطى والاستخدام الشخصى فقط فيعاقب الجانى بالأشغال الشاقة المؤقتة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تجاوز 50 ألف جنيه.
ومنذ أيام قليلة تدخلت الحكومة بتعديل تشريعى جديد لقانون مكافحة المخدرات، تمت الموافقة عليه فى مجلس الوزراء تمهيداً لإرساله للبرلمان لمناقشته وإقراره، لمواجهة الجيل الجديد من المخدرات مثل «الاستروكس» والذى يتم تصنيعه من خلال خلط مواد مخدرة ونباتية غير مدرجة فى جدول «المخدرات»، ويعاقب التعديل بالإعدام كل من جلب أو صدّر مواد مخدرة تخليقية ذات أثر تخديرى أو ضار بالعقل أو الجسد أو الحالة النفسية والعصبية، كما يعاقب بالمؤبد والغرامة التى لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد على 500 ألف جنيه كل من حاز أو أحزر بقصد الاتجار، وبالسجن المشدد والغرامة التى لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه إذا كانت الحيازة والأحراز بقصد التعاطى.
"الإعدام" لـ"أباطرة" الكوكايين والهيروين.. و"المشدد" وغرامة 200 ألف جنيه للمتعاطين.. وحظر التدخين فى المصالح الحكومية والنوادى.. وإلزام الدولة برفع أسعار السجائر دورياً
ووضع القانون رقم 154 لسنة 2007 الخاص بالوقاية من أضرار التدخين، عدداً من الإجراءات للحد من استهلاك السجائر، حيث حظر التدخين نهائياً بكل صوره فى مختلف المنشآت الصحية والتعليمية والمصالح الحكومية والنوادى الرياضية والاجتماعية ومراكز الشباب، ويلتزم المدير المسئول عن هذه الأماكن باتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع التدخين فيها ويعاقب على إخلاله بهذا الالتزام بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على 20 ألف جنيه كما يعاقب المدخن بغرامة لا تقل عن 50 جنيهاً ولا تزيد على 100 جنيه.
وألزم قانون التدخين الحكومة برفع أسعار السجائر بشكل دورى واتخاذ السياسات السعرية والضريبية باعتبار ذلك وسيلة فعالة ومهمة للحد من الاستهلاك، على أن تخصص حصيلة هذه الزيادة لدعم الخدمات الصحية بالاتفاق بين وزيرى الصحة والمالية.
الحكومة تتدخل تشريعياً لمواجهة "الفودو والاستروكس" وتخصص 250 مليون جنيه للمكافحة وبرامج التأهيل
وسعى قانون التأمين الصحى الشامل الجديد للاستفادة من حجم الأموال التى يتم صرفها على السجائر والتبغ، حيث خصص 75 قرشاً من قيمة كل علبة سجائر مبيعة بالسوق المحلية سواء كانت محلية أو أجنبية الإنتاج، لصالح التأمين الصحى الجديد، على أن يتم زيادتها كل ثلاث سنوات بقيمة 25 قرشاً أخرى حتى تصل إلى جنيه ونصف الجنيه، فضلاً عن 10% من قيمة كل وحدة مبيعة من مشتقات التبغ غير السجائر.
وبالنسبة لـ«الشيشة»، نظم قانون المحال العامة الجديد الذى وافق عليه البرلمان مؤخراً، الأمر حيث نص على حظر تقديمها بالمحال التجارية المعدة لبيع أو تقديم المأكولات أو المشروبات لعموم الجمهور، إلا بعد الحصول على ترخيص من المركز المختص وسداد رسم لا يجاوز 10 آلاف جنيه.
وفى إطار سعيها للمواجهة بعيداً عن التشريعات والقوانين، رصدت الحكومة فى برنامجها المقدم للبرلمان، 250 مليون جنيه لدعم خطة مكافحة المخدرات والإدمان، من خلال تكثيف أنشطة التوعية بخطورة الإدمان والتعاطى، ومن المستهدف أن يستفيد من هذه الحملات 1.2 مليون شاب بحلول 2021/2022 مقارنه بنحو 650 ألف شاب عام (2017/2018)، بجانب زيادة عدد مراكز العلاج من الإدمان والتعاطى من 19 مركزاً إلى 30 مركزاً، وتهيئة بيئة 15 ألف مؤسسة تعليمية لتصبح مناهضة لتعاطى المخدرات، وتعظيم دور 5 آلاف مؤسسة شبابية ورياضية وثقافية و10 آلاف مؤسسة دينية فى مواجهة ممارسات التدخين وتعاطى المخدرات.
من جانبها، أصدرت لجنة الدفاع بمجلس النواب مجموعة من التوصيات لمواجهة ظاهرة انتشار المخدرات، خصوصاً بعد ظهور أنواع جديدة مثل «الفودو» و«الاستروكس» بين الشباب، أهمها دراسة تمويل تكاليف تحليل المخدرات للعاملين فى الجهاز الإدارة للدولة من حصيلة صناديق الرعاية الاجتماعية «التأمين الصحى» الخاصة بكل وزارة، مع تحليل المخدرات على الطلبة والدارسين فى المنشآت التعليمية والجامعات بواسطة التأمين الصحى الخاص بهم.
وتضمنت التوصيات تفعيل قرار الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة بإجراء تحليل المخدرات للعاملين فى الجهاز الإدارى للدولة مع تطبيق العقوبات الواردة فى قانون الخدمة المدنية على من يثبت إدمانه للمخدرات لردع الآخرين، وأن يكون تحليل المخدرات ضمن إجراءات الترقى إلى الدرجات الوظيفية الأعلى، ومراجعة وتعديل قانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم 127 لسنه 1955 ومراجعة قانون مكافحة غسيل الأموال رقم 80 لسنه 2002 ومراجعة قانون رقم 122 لسنه 1989 بشأن مكافحة المخدرات، وتنظيم استعمالها والاتجار فيها مع إدراج مادتى «الاستروكس» و«الفودو» ضمن جدول المخدرات وتجريم حيازة المواد المبتكرة التى يتم خلطها واستخدامها كمخدرات.
وركزت التوصيات على تفعيل دور المجلس القومى لمكافحة المهدرات وعلاج الإدمان، ومتابعة ودعم المصحات المرخص لها بعلاج المدمنين لرفع كفاءتها، والاهتمام بكل العاملين فى مجال ضبط المخدرات من خلال تكثيف برامج التأهيل والتدريب والاعتماد على التقنية الحديثة والالتزام بالشفافية فى إجراءات الضبط.
وأوصت اللجنة بتكثيف الحملات الأمنية على مستوى الجمهورية ومداهمة الأوكار ودواليب المخدرات للسيطرة على ظاهرة البيع فى الشوارع مع تدعيم الحملات والأكمنة الشرطية بعدد من الكلاب المُدربة على اكتشاف المخدرات.
وشددت اللجنة على استمرار التعاون بين الإدارة العامة لمكافحة المخدرات وكل الأجهزة المختصة لمواجهة هذه الظاهرة مثل قوات حرس الحدود، والقوات البحرية، بما يتيح التنسيق وتبادل المعلومات وإحكام السيطرة الحدودية على تسرب هذا الوباء داخل البلاد لحماية أبناء مصر منها، وقيام وسائل الإعلام بتنفيذ خطة إعلامية على مستوى الدولة تحت إشراف المختصين من وزارة الداخلية مع مشاركة القادة والرؤساء فى مؤسسات الدولة فى توعية المرؤوسين بما يحقق أهداف الرقابة والترهيب للمجتمع.
من جانبه، قال النائب حاتم عبدالحميد، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، لـ«الوطن»، إن نسبة الإدمان فى مصر كبيرة جداً، مضيفاً: «فيه عيال جالها إيدز وماتت بسبب المخدرات، ده غير بعض سواقين التوك توك اللى بيبيعوا وبيتعاطوا المخدرات».
وطالب «عبدالحميد» بتشديد الرقابة على الصيدليات لمنع تداول المواد المُخدرة بها مثل الترامادول، موضحاً أن مشكلة المخدرات ليست فى التعاطى فقط وإنما فى جرائم القتل والبلطجة التى تتم بسببها، وتابع: «المدمن دلوقتى بيفتح الأنبوبة على أمه عشان ياخد فلوس».