أهم عنصر فى عالم إدارة الأزمات، هو القدرة على منع الأزمة وتجنب حدوثها قبيل اندلاعها وحدوث الضرر.
إذا حدث الضرر، وأصبح أمراً واقعاً لا مرد له ولا قدرة لإعادة عجلة الحدث إلى الوراء، فإننى أعتقد أن هناك 4 خطوات يجب أن تحدث بعد حدوث الأزمة فوراً:
أولاً: الفهم الصحيح لما حدث بالضبط.
ثانياً: تحديد الأدوات والوسائل والبشر والإمكانيات اللازمة لإدارة الأزمة.
ثالثاً: محاولة السيطرة على الأضرار التى حدثت وتجنب اتساعها.
رابعاً: استخلاص الدروس المستفادة مما حدث ووضع الضوابط والإجراءات التى تمنع تكرار الأخطاء ذاتها مرة أخرى.
و«إدارة الأضرار» أو ما يعرف بالإنجليزية «داميج كونترول»، هو علم بحد ذاته يدرس ضمن مناهج الصراع السياسى وإدارة الأزمات.
وأحياناً لا تكون الكارثة فى إدارة الأزمة ذاتها، ولكن فى اتساع الأضرار بسبب سوء إدارة الأضرار.
ويمكن أن نتعلم جميعاً من رئيسة وزراء نيوزيلندا «جاسيندا أردرن» التى يجب -فى رأيى- أن تحصل على أوسكار كيفية إدارة الأضرار عقب جريمة الاعتداء على المسجدين.
ما فعلته هذه السيدة بتلقائية أو بعلم، منفردة أو بمساعدة فريق مساعديها، بعبقرية سياسية أو بالفطرة الإنسانية، أو بمزيج من كل ما سبق، يؤكد قدرة السياسى على احتواء الأزمة وتحجيم الأضرار والاستفادة سياسياً من كارثة وتحويلها إلى فرصة نجاح سياسى.
كيف تحركت رئيسة وزراء نيوزيلندا؟
حسب دليل السياسى الناجح لإدارة الأزمة قامت هذه السيدة بالآتى:
1- التحرك الفورى عقب دقائق معدودات من الجريمة.
2- سرعة الحصول على المعلومات الفورية الأساسية.
3- الانتقال المباشر إلى مسرح الجريمة.
4- الإدانة السريعة للجريمة.
5- المخاطبة المباشرة لمجتمع المسلمين فى نيوزيلندا والتأكيد على احترام مشاعر المسلمين وبث الأذان مباشرة.
6- مشاطرة أهالى الضحايا من القتلى وزيارة الجرحى والتأكد من الدعم الطبى للجرحى والدعم النفسى لأهالى الضحايا، والتأكيد على حرص الحكومة على إشعار المسلمين فى نيوزيلندا بالأمان الكامل.
7- سرعة تحريك الأجهزة الأمنية وسلطات التحقيق فى تعقب القاتل والبحث عما إذا كان له شركاء.
8- مثول المتهم أمام سلطات التحقيق والمحكمة قبل مرور 24 ساعة على الجريمة.
9- زيارة منطقة كريست تشيرش مرتين منذ بدء الحادث وحضور مراسم التأبين.
10- زيارة المركز الإسلامى والمسجدين والتعامل النفسى مع أهالى الضحايا فى مشاهد مؤثرة.
11- استخدام الحدث لإعادة تقييم قوانين مكافحة الإرهاب والتشديد الكامل على تراخيص بيع السلاح الشخصى للأفراد.
وأخيراً استخدام الحدث كفرصة لتأكيد سلمية المجتمع النيوزيلندى المتسامح البعيد عن التعصب والتطرف.
الفهم الواعى، الحركة السريعة، الانفتاح العقلى، الذكاء الإنسانى، تعبئة كل الطاقات والأجهزة نحو إدارة الأضرار، هى الحل الأمثل لمواجهة مخاطر الفشل فى إدارة الأضرار.