نشأ بإحدى قرى الصعيد، لأسرة لا تمتهن إلا الزراعة، وفى شبابه صار ناقما على ذلك العمل، لينصحه رفاقه بالسفر إلى القاهرة، فهناك عشرات الوظائف والفرص، لكنه لم يحصل قط على تعليما، ولا يستطيع فك الخط، ولذلك كانت مهنة العمل في المعمار مناسبة، يحمل الزلط والطوب والرمل والأسمنت، حتى كبر سنه وصارت تلك الحمولة مؤلمة، لتأتيه نصيحة أخرى بالعمل في "الساكسونيا" يجمع الملابس القديمة، ويستبدلها بأطباق بلاستيكية، لتتغير طبيعة تلك المهنة كذلك.
من محافظة سوهاج إلى القاهرة، قدم الشاب ليحظى بفرصة عمل، حتى صار رجلًا في الـ 50 من عمره، وبدلا من "قصعة الأسمنت" التي كانت فوق رأسه، صار قفص كبير ممتلئ بأطباق بلاستيكية بديلا لها، وصار هتافه كلما مر في مكان "ساكسونيا" بطريقة مميزة يفعلها كل ممتهنو ذلك العمل، وعلى كتفه يحمل كيسا من القماش يضع به الملابس: "ومببطلش لف طول اليوم بقى، بفضل أبرم وأتحرك يمين وشمال وأنادى على أساس إني ألاقى حاجة وأروح" يحكى عبدالعزيز محمد.
بينما يتحرك بأطباقه وملابسه، ينتظر أن يوقفه أحد لكن بلا فائدة: "عملت في هذه المهنة بالوقت الخاطئ، مبقاش حد بيخرج هدوم كتير، سواء صيف ولا شتاء"، هكذا يروي الرجل الذي له سنوات قليلة في ذلك العمل، حصل خلالها على ملابس من بعض الزبائن، لكنه لم يعد يلقى نفس العطاء: "الشغل في الحاجات الخيرية والناس اللي بتوزع ملابسها القديمة لله وكتر الموضوع ده قلل شغلي شوية".
ويحكي الرجل وعلى وجهه ابتسامة ساخرة من حاله: "يعنى أنا قلت أسيب المعمار والطوب والرمل عشان أريح جسمي، أقوم أشتغل في الساكسونيا وهيا خلاص بتنقرض".
ويمكث الرجل بالقاهرة حوالي 3 أشهر ثم يعود لأسرته بضعة أيام قبل العودة للقاهرة من جديد، تاركا خلفه زوجة و3 بنات وولد، ينتظرون منه العودة بمكاسب تعينهم على المعيشة: "لم تحقق المكسب المراد تحقيقه بعدما تركت البلد، ولم يكن العمل سهل ومريح للجسد".
يشتري الرجل تلك الأطباق البلاستيكية ويمنحها للأشخاص مقابل الملابس، ثم يبيع تلك الملابس فيما بعد لبعض الراغبين فيها: "وأهو بقلب عيشي لحد ما ألاقي وظيفة أخرى".
تعليقات الفيسبوك