الحقيقة الدامغة التى يجب أن نتوقف أمامها الآن.. وبعمق، هى أن الإعلام الغربى كاذب.. وخادع.. ومضلل.
لا صحة على الإطلاق لمعتقداتنا «الصدئة» حول مهنية قنوات مثل الـ«سى إن إن» و«فوكس نيوز» و«سى بى سى»، أو جرائد مثل الـ«جارديان» و«نيويورك تايمز»، ولو كان القائمون على تلك المؤسسات «الكاذبة» لديهم قدر من الضمير الإدارى، لما تغافلوا عن مدى تأثيرهم الإعلامى على المواطن فى الشارع العربى بشكل عام، وفى مصر بكل ما تمثله من ثقل سياسى وسكانى بشكل خاص.
المواطن العادى وليس المتخصص فى الصحافة والإعلام لمس عدم مصداقيتهم، واكتشف مع الوقت أنهم يبثون محتواهم «الإعلامى» لحسابات سياسية بحتة لا علاقة لها بأى قواعد مهنية.
رأينا خلال السنوات القليلة الماضية كيف انتحرت قناة الجزيرة التى انعدمت نسبة مشاهدتها بإجماع شعبى عربى، ودون قرار حكومى بحظرها، أو توجيه غير رسمى بمحاصرتها، وذلك بعد انكشاف دورها المشبوه فى تنفيذ مخطط تدمير الدول العربية وفقاً لسياسة «الفوضى الخلاقة»، ودعمها الإعلامى لما يسمى بثورات الربيع العربى التى دمرت دولاً، وما زالت تسعى لتدمير دول أخرى.
أتذكر جيداً تصريح محمد سعيد الصحاف، وزير الإعلام العراقى، عندما قال عام 2003 إن قناة الجزيرة تسوق للاستعمار الجديد، قال الصحاف عبارته بعد أن بثت أخباراً كاذبة أثناء الغزو الأمريكى للعراق، ساهمت بها فى الانهيار النفسى للجيش العراقى، وأبرز الأكاذيب كان «الخبر العاجل» حول احتلال مطار بغداد، خلافاً لحقيقة الوضع على الأرض آنذاك، وبعد إذاعة الخبر وغيره من الأخبار الشبيهة سقطت بغداد، وتم احتلال العراق.
كما انتحرت «الجزيرة» تنتحر قناة «بى بى سى» البريطانية التى ترفع زوراً وبهتاناً شعار «نشر كل ما هو موثق» ولا تطبقه واقعياً.
الشبكة العالمية التى خدعت متابعيها لسنوات طويلة بوهم المهنية والحياد، كشفت عن وجهها القبيح بأوضح ما يكون فى تناولها للتطورات الأخيرة فى ليبيا، وتصف فى تقاريرها الجيش الوطنى الليبى بـ«قوات حفتر»، وتسعى لتصوير عملية تحرير طرابلس من المتطرفين والإرهابيين وكأنه صراع على السلطة، وفى إطار تغطيتها للأحداث فى الجزائر، ترمى لتحريض الجزائريين على مؤسسات الدولة، وتسعى للتفرقة بين الشعب والجيش هناك.
«بى بى سى» التى كانت «مرموقة»، تدعم الإرهاب والتطرف فى العالم العربى، اتساقاً مع أهداف بريطانيا التى كانت «عظمى» والتى تحولت إلى ملاذ ومأوى لقيادات التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسهم قيادات الإخوان.
«بى بى سى» لم تكتف بذلك، لكنها وظفت من بين العاملين بها من ينتمون صراحة لجماعة الإخوان، وغيرهم من الموالين لـ«الإسلام السياسى».
«بى بى سى» لم تستطع التظاهر بالمهنية لأبعد من عام 2011 الذى تبنت بعده فى خطابها الإعلامى الموجه لمنطقتنا العربية مصطلحات موحية و«مؤذية»، مثل «الانقلاب العسكرى» وإطلاق اتهامات الفساد فى حق من تريد إسقاطهم، بالإضافة لبث التقارير «المفبركة» عن الأوضاع الداخلية لدول المنطقة.
الشبكة البريطانية العريقة لم تحافظ على هيبتها ووقارها، ومارست العهر الإعلامى، وانضمت إلى «الجزيرة» ووكالة «الأناضول» التركية، بوصفها جميعاً أذرعاً سياسية وليست إعلامية فقط لحساب مشروع تخريب وإعادة تقسيم المنطقة.
وإذا كانت «بى بى سى» استطاعت أن تضحك على الرأى العام العربى بعض الوقت، فلن تستطع أن تفعل ذلك كل الوقت.
يهمنى بعد كل ما سبق أن أؤكد، وبدون أدنى مبالغة، أن الإعلام الرسمى المصرى أكثر التزاماً ومهنية، قياساً بتلك المؤسسات الغربية الخادعة، ومن يتحدث عن سقف الحرية الإعلامية، سأقول له: حدثنى عن حرية الإعلام الغربى التى تقلصت لحساب السياسة.
شخصياً وبحكم المهنة أحرص دائماً على متابعة «أحداث 24 ساعة» نهاية كل يوم، ليطمئن قلبى، ويهدأ بالى، بعد معرفة حقيقة وأبعاد كثير من الأخبار التى تصلنى مشوهة، عبر وسائل إعلامية مشبوهة طوال اليوم، وعلى مدار الساعة.
أعتقد أن البعض يتذكر حتى الآن كيف دفعت الإعلامية الكبيرة ملك إسماعيل منصبها كرئيس للقناة الأولى بالتليفزيون، ثمناً لخطأ إذاعة خبر كاذب عن وفاة الفنان فريد شوقى فى أواخر أيامه.
التليفزيون المصرى -والإذاعة المصرية- ليسا مجرد إحدى أهم أدوات الأمن القومى المصرى فقط، وهما بالنسبة لى من عوامل استقرارى العقلى والنفسى كمواطن مصرى مستهدف من أعداء بلادى، وهم كثر.