لا يمكنك رؤية الصورة الكاملة لأى شىء بدقة 100% إلا من زاوية واحدة فقط، تلك الزاوية أنا أقف فيها الآن، على أرض واشنطن التى تجمع الآن زعماء الاقتصاد وقادة المال والأعمال فى العالم، لحضور الاجتماعات الأكثر زخماً حول العالم، وهى اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، لأرى مصر فى أزهى فتراتها، وفى أوج تألقها، بين الدول، حيث أصبحت دولتنا بمثابة النقطة المضيئة على خريطة العالم، والبؤرة الأكثر إشراقاً فى مساحات المال والأعمال.
هنا، وعلى أرض الاقتصاد الأكبر فى العالم، عبارات الإشادة والتهنئة لا تنقطع، فالدولة تُذكر باسمها باعتبارها أصبحت من أكثر البلدان الناشئة تطوراً ونمواً، وتُذكر باسم رئيسها عبدالفتاح السيسى الذى قاد تجربة تنموية لا يمكن لأحد توقع نتائجها، ولا وقتها القياسى، كما تُذكر باسم شعبها الذى تحمّل تبعات هذه التجربة، وأثبت للعالم أجمع أن المصريين حريصون على صناعة تجربة تنموية ينحنى أمامها الجميع، ويقدرها العالم، تتناولها المخطوطات والمؤلفات فى الجامعات والمعاهد التعليمية.
البعض قد يجد فى هذا الكلام مبالغة، ولكنى أبرر هذا الرأى بعدم وضوح الصورة الكاملة فى رؤية العالم لنا ونحن فى داخل دولتنا.
هنا الوضع مختلف جذرياً، فالكثير من قادة الاقتصادات العالمية يرون مصر واحدة من أهم نقاط الأمل والتفاؤل التى يمكن رؤيتها فى خريطة الأسواق العالمية، ويعبّرون بصفة متواصلة عن امتنانهم لتحمّل هذا الشعب العريق لكل المصاعب التى واجهها وإصراره على التنمية والتقدم للأمام وسط بيئة دولية شديدة الاضطراب، وبيئة إقليمية ينتشر فيها العنف والحروب والإرهاب.
هذا الوضع جعلنا كمصريين نفخر بما حققناه، وما حققته قيادتنا وحكومتنا، وما أنجزه شعبنا، لأتقدم بدعوة صادقة للجميع بالتفاؤل، ونسج خيوط الأمل من جديد، وهدم جدران اليأس التى يحاول البعض تشييدها بأفكار قائمة على الكذب والتضليل واستغلال الوعى المنخفض.
سأتذكر، وأُذكّركم جميعاً بهذه الكلمات، بعد بضع سنوات، عندما نتحول إلى «نمر عربى أفريقى» على غرار النمور الآسيوية، وعندما يتعاظم تدفق رؤوس الأموال والاستثمارات، وعندما تتوافر فرص العمل وترتفع مستويات الأجور، وعندما تتطور خدمات الصحة والتعليم والبنية التحتية، وعندما يولد الطفل فى أمة تحفظ له كل حقوقه الأساسية، بعيداً عن ظروفه المادية التى نشأ فيها.
نعم، تلك هى النظرية الاقتصادية التى تربط بين التنمية والعدالة، وتنفذها الحكومة الآن، فبالرغم من تطبيق الحكومة لبرنامج إصلاح اقتصادى منضبط تم وضعه بأيدٍ وطنية، وعدم الانتهاء منه بعد بالتنسيق مع صندوق النقد الدولى، أعلنت الحكومة عن حزمة من إجراءات العدالة الاجتماعية، التى تضمنت تحسين الأجور والمعاشات، وتطوير مستوى الخدمات الصحية والتعليمية.
الحكومة لم تنتظر للحظة، عندما وجدت الفرصة مهيأة للتخفيف على هذا الشعب، وتحجيم الضغوط المادية والمعيشية التى يواجهها، وعملت بتوجيهات القيادة السياسية فى الانحياز على طول الخط للفقراء ومحدودى الدخل، وضرورة تحسين المستوى المعيشى لأبناء الطبقة المتوسطة.
هذا التصرف تبرره عبارة «أن الحكومة لا ترغب فى ممارسة مزيد من الضغوط على الشعب، ولكن ما تم إنجازه واتخاذه سابقاً من إجراءات صعبة، كانت تستهدف بناء قاعدة تنموية صلبة، يمكن الارتكاز إليها فى بناء مشروعات العدالة، وتطبيق أفكار المساواة، وكفالة الحقوق والحريات».. هكذا تحدث دائماً الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلماته للشعب، مبرراً الإجراءات الصعبة التى دعا الجميع إلى تحمّلها.
ويستمر الرئيس فى عمله المتواصل لاستكمال المسيرة، بمساندة ومعاونة حكومة تعلم جيداً ماذا تفعل، وإلى أين ستتجه، ووراءه شعب مؤمن بأنه لا شىء بدون مقابل، وأن طريق التنمية والتقدم والتطور لا بد أن يقابله مزيد من الجهد والعرق والصبر.
فالرئيس السيسى عندما زار الولايات المتحدة خلال الأيام الماضية، وشاهدنا جميعاً - وقد حظيت بحضور لقائه مع المستثمرين الأمريكيين - مدى الحفاوة التى استقبله بها المسئولون الأمريكيون، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، استمر فى عمله على مدار الساعة، بهدف تعظيم نتائج الزيارة، والوصول إلى أفضل السيناريوهات لرسم علاقة مستقبلية مع واشنطن تقوم على «المصالح المشتركة» وتحترم خصوصيات وأهداف كل دولة.
ولاحظت خلال اجتماعه بالمستثمرين الأمريكيين مدى التفاؤل الذى يسيطر على هؤلاء المستثمرين فى نظرتهم للسوق المصرية، وإصرارهم على معرفة كل جديد عن تطوراتها، ودخولهم المتوقع للاستثمار فى هذا البلد الناشئ المتطور.
فقد أعربت الكثير من الشركات الأمريكية عن رغبتها فى الاستثمار بالسوق المصرية، واتخاذها كبوابة للعبور للسوق الأفريقية التى تتسم بتعدد المستهلكين، وضخامة حجم ثرواتها.