«سمر» تحدثكم من عشة على ضفة النيل: «نفسى فى غسالة.. إيديّا اتشقّقت من الغسيل لـ11 بنى آدم»
رائحة البحر تملأ الهواء. مياهه الرائقة تمتلئ بدوائر صغيرة تتسبب فيها حركة بعض المراكب والبواخر الضخمة، ومن بعيد كانت «سمر» تتطلع إلى هذا المشهد الربانى وتتنهد، ثم تدير وجهها إلى «منزلها الطينى» على ضفة النهر. ابتسمت فى داخلها، فهى أيضاً مثل هؤلاء الأغنياء، تملك منزلا على النيل.
مثلما فى فيلم «المراكبى» لصلاح السعدنى كانت «سمر» وكل عائلتها يقيمون فى عشة طينية، 11 فردا هم عدد أفراد العائلة المكونة من زوجها وبناتها الأربع وأشقاء زوجها وحمويها، تقوم سمر على خدمتهم. تستيقظ مبكرا لتنظف المنزل، وبعد إعداد الفطور تنقل بناتها بـ«الفلوكة» إلى البر الثانى لكى يستطعن الذهاب إلى مدارسهن: «مفيش عندنا كهربا ولا ميه.. عندنا سريرين بس لكن إحنا أحسن من غيرنا.. فيه حاجة بتؤوينا».
تعتمد العائلة فى الحصول على الإضاءة خلال ساعات الليل على أحد أعمدة الكهرباء، وبما يكفى لإضاءة «لمبتين» فقط، أما الماء فيتم الحصول عليه من مسجد على البر الثانى. الكراكيب تملأ المنزل الذى يتكون من غرفتين، إحداهما تحتوى على سريرين والأخرى تحتوى على حصير. والحركة إلى البر الثانى تتم دوما بفلوكة خشبية قديمة: «حسيت بالسعادة بعد فترة.. أصل إحنا بعيد عن الدوشة والزحمة والهم اللى الناس فيه، خصوصا بعد الثورة. إحنا فى دنيا غير الدنيا اللى الناس عايشة فيها.. دنيتنا حدودها البحر والسما وبس». تضحك «سمر» ضحكة رائقة وهى ترتدى ذلك الجلباب الذى لم تغيره منذ سنوات: كل حلمى فى الدنيا غسالة عادية.. إيديّا اتشققت من الغسيل لـ11 بنى آدم».