من مستورد إلى مُصدِّر: مصر تخطو بثقة نحو «ريادة الغاز الإقليمية»
حقل «ظهر» ملاذ الغاز الآمن لمصر
بدأت وزارة البترول التنفيذ الفعلى لتحويل مصر إلى مركز إقليمى للطاقة، وأصبح الحلم فى متناول اليد، واتخذت الحكومة عدة خطوات متتالية، آخرها إنشاء منتدى شرق المتوسط للغاز، ومقره مصر بمشاركة دول أوروبية وعربية، لتصبح مصر رسمياً قوة إقليمية فى قطاع الطاقة ومصدّراً قوياً تنظر إليه أوروبا للحفاظ على دفئها واستيراد الطاقة منها.
وقالت مصادر بوزارة البترول لـ«الوطن» إن الوزارة نجحت خلال العام الماضى فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز، ووقف الاستيراد، وسط تعهدات لوزير البترول طارق الملا، بالالتزام بالعقود التصديرية، مضيفة أن الوزارة تنفذ 4 حقول كبرى فى البحر المتوسط ووضعها على خريطة الإنتاج، هى «ظهر» و«شمال الإسكندرية» و«نورس» و«آتول» والتى يبلغ إجمالى استثماراتها أكثر من 27 مليار دولار وستصل معدلات الإنتاج القصوى منها مع اكتمال كافة المراحل إلى ما يقرب من 6.5 مليار قدم مكعب غاز يومياً، كما طورت حقول الغاز فى غرب الدلتا، «شمال الإسكندرية وغرب المتوسط» وبدأ الإنتاج من ثانى مراحل حقول غازات غرب الدلتا.
"البترول": تنفيذ 4 حقول كبرى فى البحر المتوسط ووضعها على خريطة الإنتاج باستثمارات 27 مليار دولار
وأكدت أن قطاع البترول شهد مشروعات جديدة ومتنوعة بين إنتاج الثروات البترولية والغازية وتطوير معامل التكرير والتوسع فى البنية التحتية، وتطوير الخدمات للمواطنين خاصة المشروع القومى لتوصيل الغاز الطبيعى للمنازل الذى شهد طفرة فى أعماله خلال العام، وواصلت مصر زيادة إنتاج الغاز الطبيعى كإحدى ثمار خطط قطاع البترول فى الإسراع بتنمية الحقول المكتشفة ووضعها على خريطة الإنتاج بما أسهم فى زيادة الإنتاج تدريجياً على مدار العام والوصول إلى معدلات غير مسبوقة، حيث بلغ إجمالى الإنتاج الحالى من الغاز الطبيعى أكثر من 6.6 مليار قدم مكعب يومياً ومن المتوقع أن يصل إلى 6.8 مليار قدم مكعب غاز يومياً بنهاية 2019.
وقال حمدى عبدالعزيز، المتحدث باسم وزارة البترول، إن الوزارة نجحت خلال العام الماضى فى تنمية 4 حقول كبرى فى البحر المتوسط ووضعها على خريطة الإنتاج، هى «ظهر» و«شمال الإسكندرية» و«نورس» و«آتول» باستثمارات 27 مليار دولار وستصل معدلات الإنتاج القصوى منها مع اكتمال كافة المراحل إلى ما يقرب من 6.5 مليار قدم مكعب غاز يومياً.
وأضاف «عبدالعزيز» أن حقل ظهر كان ولا يزال حجر الزاوية فى طفرة قطاع البترول المصرى، حيث تضاعف إنتاج ظهر من الغاز 6 مرات ليصل إلى أكثر من 2 مليار قدم مكعب غاز يومياً، بعد افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى للمرحلة الأولى من الإنتاج المبكر بالحقل العملاق فى المياه العميقة بالبحر المتوسط، وحالياً يتم استكمال باقى مراحل المشروع الذى تصل إجمالى استثماراته إلى حوالى 12 مليار دولار، على أن يصل الحقل إلى ذروة الإنتاج نهاية العام الجارى، ليصل إلى أكثر من 3 مليارات قدم مكعب غاز يومياً، موضحاً أنه سيصبح بمقدور مصر، لأول مرة، التنقيب عن الغاز والبترول فى البحر الأحمر، بعد ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، مشيراً إلى أنها منطقة بِكر تماماً ولم تشهد أى عمليات تنقيب سابقاً، وتشير التوقعات إلى احتوائها على احتياطيات ضخمة من الغاز والبترول.
وزارة البترول لم تقف عند «ظهر» فقط، بل طورت حقول الغاز فى غرب الدلتا، «شمال الإسكندرية وغرب المتوسط» وبدأ الإنتاج من ثانى مراحل حقول غازات غرب الدلتا، ولم تكتفِ بكشف شركة «إينى» من احتياطات الغاز الطبيعى، وشهد عام 2018 توقيع اتفاقيات شراكة لدخول شركاء جدد فى منطقة امتياز حقل ظهر العملاق بالبحر المتوسط والتى دخلت بمقتضاها شركة روزنفت الروسية شريكاً بحصة 30% وشركة مبادلة الإماراتية بحصة 10% مع كل من شركة إينى الإيطالية المشغل الرئيسى وشركة بى بى البريطانية التى تمتلك حصة 10%، وتدعم هذه الاتفاقيات، ودخول شركاء عالميين جدد فى المشروع، قطاع البترول فى الاستفادة من الخبرات الواسعة للشركاء الجدد وإدخال تكنولوجيات جديدة فى صناعة البترول من خلال هذه الشركات، فضلاً عن دعم جهود الوزارة الرامية إلى زيادة حجم الاستثمارات فى قطاع البترول للمساهمة فى زيادة الإنتاج والاحتياطيات من الثروة البترولية.
وأضاف «متحدث البترول»، أنه تم الوصول بمعدلات الإنتاج من حقل نورس بدلتا النيل إلى 1.2 مليار قدم مكعب غاز يومياً نتيجة حفر آبار جديدة ناجحة، ما أدى إلى استمرار تحقيق أعلى إنتاجية من الغاز الطبيعى فى تاريخ منطقة الدلتا، والتى تنتج منذ خمسة عقود مع وجود إمكانية لزيادة الإنتاج فى ظل توافر التسهيلات الإنتاجية القادرة على استيعاب هذه الزيادة، وتحقيق 61 كشفاً بترولياً وغازياً جديداً بواقع 43 كشفاً للزيت الخام و18 كشفاً للغاز تسهم فى زيادة إنتاج واحتياطيات مصر من الثروة البترولية.
"عبدالعزيز": حققنا 61 كشفاً بترولياً وغازياً جديداً وخفض مستحقات الشركاء الأجانب المتأخرة إلى 1.2 مليار.. ولم نكتشف كنوز البحر الأحمر حتى الآن
وسجل متوسط إنتاج مصر من الزيت الخام والمتكثفات حالياً حوالى 660 ألف برميل يومياً، نتيجة للمجهودات التى بُذلت خلال العام فى مجال البحث والاستكشاف والتنمية، حيث تم وضع 36 بئراً استكشافية جديدة منتجة للزيت الخام، على خريطة الإنتاج بمتوسط مبدئى 27 ألف برميل زيت خام يومياً بالإضافة إلى 175 بئراً تنموية بمتوسط مبدئى 113 ألف برميل يومياً، ونجحت جهود قطاع البترول فى تعويض التناقص الطبيعى للإنتاج من الحقول القديمة نتيجة انخفاض ضغوط الخزانات، حيث أسهم برنامج تحسين أداء أنشطة الإنتاج فى مشروع التطوير والتحديث للقطاع فى تعويض هذا التناقص بما يقرب من 100 ألف برميل زيت خام.
ونجحت الوزارة فى خفض مستحقات الشركاء الأجانب المتأخرة فى البحث عن البترول والغاز إلى رقم غير مسبوق وهو 1.2 مليار دولار بنهاية العام المالى الماضى فى يونيو 2018 وهو أقل مستوى منذ عام 2010، ما يؤكد مصداقية والتزام الدولة فى الفترة الحالية، ويعتبر خفض المستحقات بالتوازى مع الانتظام فى سداد المستحقات الجديدة أولاً بأول رسالة من مصر للعالم وللمستثمرين بالتزامها وتشجيعها للاستثمار، وهو ما سيكون له مردود إيجابى بشكل مباشر على قطاع البترول بزيادة حجم الإقبال على ما يتم طرحه من مزايدات جديدة للبحث عن البترول والغاز وتنامى الاستثمارات فى مجال البحث والاستكشاف وتنمية الحقول وهو ما ينعكس إيجاباً على زيادة إنتاج الثروة البترولية.
وأبرمت وزارة البترول على مدار العام الماضى 12 اتفاقية بترولية جديدة مع شركات عالمية للبحث عن البترول والغاز فى عدة مناطق بالبحر المتوسط وخليج السويس ودلتا النيل والصحراء الغربية وسيناء بإجمالى استثمارات يبلغ حدها الأدنى حوالى 1.3 مليار دولار وحوالى 95 مليون دولار منح توقيع لحفر 41 بئراً ليصل بذلك عدد الاتفاقيات المبرمة على مدار السنوات الأربع الماضية 63 اتفاقية جديدة منذ يونيو 2014 وحتى الآن وذلك لتنشيط حركة الاستثمار فى البحث عن البترول والغاز فى مصر من أجل تنمية الثروات البترولية وتحقيق اكتشافات جديدة تسهم فى زيادة الاحتياطيات والإنتاج الحالى من البترول والغاز الطبيعى.
وقطعت «البترول» خطوات إيجابية ملموسة نحو تنفيذ مشروع مصر القومى للتحول إلى مركز إقليمى لتجارة وتداول الغاز والبترول، فبعد أن صارت مصر مصدّرة للغاز مسجلة معدلات إنتاج قياسية بلغت 6.6 مليار متر مكعب يومياً، بزيادة 30% مقارنة بعام 2016 وهو ما جعلها من أكبر منتجى الغاز فى منطقتى شمال أفريقيا والشرق الأوسط، أعلنت وزارة البترول إنشاء «منتدى غاز شرق المتوسط» واختيار القاهرة مقراً له، بمشاركة قبرص واليونان وإسرائيل وإيطاليا والأردن وفلسطين.
وقال مصدر بالوزارة إن مصر عرضت على الدول المشاركة فى المنتدى استغلال مصانع الإسالة المصرية فى تصدير إنتاجهم من الغاز الطبيعى، بالإضافة إلى مد خطوط بين الدول للاستفادة من إنتاج الغاز بينها واستغلال وجود مصنعين لإسالة الغاز الطبيعى، الأول مصنع إدكو المملوك للشركة المصرية للغاز الطبيعى المسال، ويضم وحدتين للإسالة، والآخر فى دمياط ويتبع شركة يونيون فينوسا الإسبانية الإيطالية ويضم وحدة واحدة.
واتخذت الدولة خطوات ملموسة لتهيئة البيئة التشريعية لتحقيق هذا التوجه من خلال إصدار اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم أنشطة سوق الغاز فى فبراير 2018 وتأسيس جهاز مستقل لتنظيم أنشطة سوق الغاز يرأس مجلس إدارته وزير البترول والثروة المعدنية وبدء ممارسة نشاطه وانعقاد أول اجتماعاته.
وتوسعت الوزارة فى توصيل الغاز للمنازل بمختلف محافظات مصر وعلى رأسها محافظات الصعيد والمناطق ذات الكثافة السكنية المرتفعة فى إطار المشروع القومى لتوصيل الغاز الطبيعى للمنازل بهدف إحلال الغاز الطبيعى محل البوتاجاز لتخفيف الأعباء التى تتحملها الدولة بالعملات الأجنبية لاستيراد جانب من احتياجات الاستهلاك المحلى من البوتاجاز، ليصل إجمالى عدد الوحدات السكنية التى تتمتع بخدمة الغاز إلى حوالى 9.3 مليون وحدة سكنية على مستوى محافظات الجمهورية.
ونجحت فى تنفيذ عدة مشروعات لتغذية محطات الكهرباء العملاقة التى أنشأتها الدولة فى كل من العاصمة الإدارية الجديدة وبنى سويف والبرلس باحتياجاتها من الغاز الطبيعى من خلال عدد من خطوط نقل الغاز التى تم تنفيذها بأطوال تصل إلى 322 كم وبتكلفة استثمارية حوالى 2.2 مليار جنيه و93.5 مليون دولار حيث تم تنفيذ مشروع تغذية محطة كهرباء العاصمة الإدارية الجديدة بتكلفة 399 مليون جنيه و21.1 مليون دولار، ومشروع تغذية محطة كهرباء بنى سويف بتكلفة 991.6 مليون جنيه و47.2 مليون دولار، ومشروع تغذية محطة كهرباء البرلس بتكلفة 839 مليون جنيه و25 مليون دولار، ليرتفع عدد محطات الكهرباء التى تم تحويلها للعمل بالغاز الطبيعى على مستوى الجمهورية إلى 58 محطة.