المصريون بعد الأمريكان هم من أكثر الشعوب من أصحاب «الكروش»، نسبة زيادة الوزن تصل إلى ما بين 60 و70%، وبعضهم زيادتهم مفرطة قد تصل إلى 150 كيلوجراماً وأكثر. وأريد أن أشيد بجريدة «الوطن» التى خصصت صفحة كاملة للحديث حول زيادة الوزن، وأنا كنت أعد مجموعة مقالات لـ«الوطن» حول دور المواطن فى الحفاظ على صحته ودور الدولة فى الحفاظ على صحة المواطن، وأريد أن أركز على أن الدولة بدأت تنشط فى أداء دورها بفضل مبادرات رئيس الجمهورية واهتمامه بجعل الصحة فى أولويات الدولة، لكن المواطن فى حاجة إلى صحوة مماثلة.. ولنبدأ بموضوع الوزن.
زيادة الوزن، على ما يبدو، هى تاريخ عربى، حيث إن الشعراء كانوا يتغزلون فى السيدة السمينة، ولدينا عادة اهتمام الأسرة بزيادة وزن الأطفال، وكلما كان الطفل سميناً ومربرباً سعدت أمه، ولا تعلم أنها تبدأ فى الإساءة لصحة الطفل فى وقت مبكر. الطفل تشجعه الأسرة على الإفراط فى النشويات والسكريات والمشروبات السكرية والأكل الجاهز fast food التى بها الكثير من السكريات والنشويات والدهون، ويصعب على الطفل أن يُنقص وزنه أو يغير عادات أكله فى المستقبل. وأنا دائماً أحذر الأمهات من زيادة وزن الأطفال، وأطالب بالإشراف عليهم ومنعهم من الإفراط فى تعاطى النشويات والسكريات، والحكومات فى البلاد المتقدمة تمنع الإعلان عن المنتجات المخصصة للأطفال قبل الحادية عشرة مساء، حيث ينام الأطفال، ولا تريد إغراءهم بالأغذية التى تباع لهم وتؤثر على صحتهم، ونحن علينا أن نقوم بدور الأسرة فى الإشراف على غذاء الطفل وعلى منع تجاوزاته وإعطائه مبالغ يومياً لشراء هذه الممنوعات السالبة للصحة.
نسمع فى المؤتمرات العالمية التى تناقش أمراض القلب والضغط والسكر عن دور زيادة الوزن فى ظهور هذه الأمراض، ويقولون إن أمريكا هى الأولى فى زيادة وزن السيدات وبعدها مصر. سيدات مصر المهتمات بالأكل وبالمحشى والسكريات والمشروبات السكرية والجلوس سالمات بدون حركة أمام التليفزيون، ينتهى الأمر بهن بظهور السكر وارتفاع الضغط والمضاعفات، وعلى رأسها أمراض القلب، وعندما يضاف إلى ذلك التدخين الإيجابى والسلبى يكتمل المسرح وظهور الأمراض ونهاية العمر المبكرة.
يا سيدات مصر، ويا رجال مصر المدافعين عن حقوق المرأة وصحتها، أرجو أن يلقى النداء الاهتمام الحاسم بالحفاظ على صحة الإنسان. والوقاية التى تحصل عليها المرأة أثناء فترة الحيض والولادة تزول بزيادة الوزن وظهور السكر والضغط.
أما الرجال فإن زيادة الوزن تنهى الصحة والحياة، خصوصاً مع التدخين. عدد من مرضى القلب من السيدات فى متوسط العمر، ولكن لديهن زيادة فى الوزن. أسأل عن التدخين، قلة منهن تدخن وبعضهن يستعملن الشيشة بتشجيع من الأزواج، ولكن العدد الأكبر يعانى من التدخين السلبى، الزوج يدخن فى الشقة وفى حجرة النوم، والزوجة والأولاد يعانون من التدخين السلبى الذى له نفس أضرار التدخين الإيجابى. وعندها أطالب الزوجة برجاء أن يمتنع الزوج عن التدخين إطلاقاً، أما إذا أصر على الإساءة الصحية فعليه أن يدخن فى الشارع وليس فى البلكونة أو حجرة أخرى.
وفى كندا، وهى من أكثر الدول اهتماماً بصحة المواطنين، لا يجوز أن يدخن الزوج فى المنزل أو المصنع أو مصلحة حكومية، وإذا كان ضعيف الشخصية ولا يستطيع أن يتوقف عن التدخين بذرائع غير مقبولة يخرج خارج المصنع أو الشركة أو المصلحة على بُعد 50 متراً من الباب، ويدخن والجو فى الشتاء تصل الحرارة إلى 20-30 تحت الصفر، ويقف يرتعش وهو يدخن السيجارة ولا يجوز أن يخطو قريباً من مكان عمله.
يا أهل مصر، نساء ورجالاً، أحذركم من زيادة الوزن، وأطالبكم بأن تتبعوا نصيحة الرسول صل الله عليه وسلم والذى قال: (ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه). عندما يملأ ابن آدم بطنه يحدث تمدد فى حجم المعدة بحيث نشغل كل الجزء العلوى من البطن ونضغط على الرئة وعلى القلب، وثانياً يستخدم الجسم كمية الأكل المهولة فى البطن فى تلبية احتياجات الطاقة المطلوبة للجسم، والتى تزيد بزيادة المجهود أو المشاركة فى الألعاب الرياضية، أما الزيادة فلا يوجد لدى الجسم طريق للتخلص منها سوى تحويلها إلى أحماض دهنية وترسيبها فى البطن والأفخاذ، فتسبب كل المضاعفات التى ذكرناها فى مقدمة هذه الكلمة.. ولكن أضيف مضاعفة أخرى تسبب لى شخصياً الألم والتعاطف مع المريض.. السيدة وزنها 130 كيلو، ولا تستطيع المشى بسبب خشونة غضاريف مفاصل الركبتين والحوض، وتزداد قلة الحركة والمزيد من زيادة الوزن على غضاريف العظام التى تشكل المفصل مثلاً، وهى ناعمة كالحرير وتنزلق على بعضها أثناء الحركة بدون ألم أو تعب. وعندما يزيد الوزن عليها تتآكل وتخشن وتصبح الحركة صعبة ومؤلمة، وفى بعض الأحيان يحتاج الأمر إلى استبدال مفصل الركبة أو الحوض بمفصل صناعى، وهذه عملية كبرى وتحتاج للعلاج الطبيعى الطويل، وبعض المرضى لا يستطيعون التأقلم على المفصل الصناعى. وأخيراً، أصحاب جذوع النخل، هذه المضاعفات ثقيلة ومؤلمة، منها الاكتئاب والحزن للكثير من أصحاب الكروش، أما كيف أحافظ على الوزن للأطفال والكبار، فإن لذلك مقالة أخرى.
حفظ الله مصر وحفظ نساءها ورجالها، ومتعهم بالصحة، وحماهم من الإساءة إليها.