وتدور بنا الأيام ببطء وأحياناً بسرعة فائقة دون توقف وكأنها خلقت داخل إحدى دوامات البحر الغاضب القوى القاتل العنيف فى التعبير عن قلقه فندور معها دون رجوع للخلف أو قبول للالتماسات أو تحقيق للأمنيات والأحلام لأننا نخضع لقانون ودستور سماوى لا يمكن المساس به وغير قابل للتعديلات ومن المستحيل أن نجرى له استفتاء أو نلتف حوله بطريقة غير مباشرة لتعديل أو تبديل فهو نهائى وثابت إلى الأبد.
وتدور بنا الأيام فأتمنى لو عدت لى من جديد وأتذكر أن من يذهب ويرحل ويغادر لا يعود وهكذا هو دستورنا فلا بديل لك فى أيامى ومشاعرى وردود فعلى وأفراحى وأحزانى وحتى حيرتى فى اتخاذ أى قرار وطلبى المساعدة منك أو اختياره لى أو حتى إرغامى عليه ولا بديل لك فى دقة القلب ونغزته سعادة أو توتراً من القلق عليك أو انتظار حضورك أو رؤيتك فى الأحلام فأنت النادر الوجود صاحب الامتيازات الخاصة جداً. وهل يمكن أن أنسى من منحنى الحياة وتوجنى أميرة على عرشه وعلمنى كيف أسير بين العامة بخطوات أميرات الأحلام ونظراتهن ووهبنى ابتسامتهن الساحرة ومشاعرهن ولمساتهن وسخاءهن وحنانهن وتلك القدرة اللانهائية على العطاء والغفران والتماس الأعذار. وفى جميع المراحل ودورات الحياة لا أنسى أول ضمة لى بعد أن غادرت رحم أمى فقد كنت أنت صاحبها ويومها وفى أول ساعة لى فى الحياة دخلت صدرى الصغير رائحة أنفاسك المختلطة بالفرحة والزهو والإعجاب بى وبأناملى وعينى نصف المغلقة وبشرتى، دخلت صدرى واختلطت بدمائى التى تحمل نفس فصيلة دمك وكل صفاتك فعرفت من أنا وأكملت عشقك النادر لى فسَمّيتنى بأغلى اسم لديك ومنحتنى لقباً شرفياً يلازمنى حتى الآن. واحتفلت بقدومى وانضمامى لكم بأجمل الأغنيات والأصوات والألحان والهدايا.
لو عدت لى حبيبى هل ستمسك بيدى خوفاً علىّ من الأيام والإخفاقات والألم؟ وهل ستصحبنى معك كما كنت تفعل دائماً لأختار وأنتقى وتلمع عيناى بفرحة الأعياد ومقتنياتها والملابس والألعاب والأطعمة والحلوى؟ وهل ستمسح جبينى إن وجدت حبات العرق تلمع فوقه من آثار الحمى والوجع؟ هل ستعلمنى كيف أمسك بالقلم مرة أخرى فما زلت من طفولتى حتى الآن لا أجيد الطريقة الصحيحة للكتابة به وأنت من كان يحاول أن يدربنى علىها ولم أنسَ ضحكتك حتى الآن على هذا المشهد ولا وصفك لأصابعى بأنها جميلة ولا بد أن تكون لمبدع أو فنان يرسم أو ينظم الشعر أو يصمم الأزياء أو يعزف الألحان ويطرب الجميع. يا من توجتنى أميرة حبك أشتاق إليك وإلى حديثى معك وتشجيعك وكلمات حبك وفرحتك الطفولية وبريق عينيك وأنت تقرأ كلماتى على صفحات الجرائد وترى صورتى ودرجاتى العلمية. أشتاق لطلبك منى الاهتمام بنفسى وأنت الأولى به والحضور لرؤيتك وأنت الملهوفة على لقائك وعلى مكانى بين ذراعيك ورأسى فوق كتفك. أشتاق لدعوة كنت أرددها يومياً فى هذا الشهر قبل أن أتناول طعامى (رمضان) لأن دعوة الصائم لا ترد فقد خصصتها لك منذ طفولتى أن تبقى لى بجانبى وأن يمنحك الله الصحة والسعادة ومنذ رحلت أصبحت الرحمة والغفران لك فمنذ أدركت معنى الدعاء من القلب فى تلك اللحظات ومعنى أن يعدنا الله بإجابته لم أجد غيرك يستحق هذا الشرف ولا تلك المنحة الإلهية. حبيبى وأميرى وصديقى ومستشارى وسندى وفخرى وزهوى وصاحب الاسم الذى أحمله وصاحب الفرحة التى لم ولن تتكرر ولن تصادفنى أو تزورنى منذ رحلت وحتى فى لحظاتك الأخيرة على هذه الأرض كأنك أبيت أن تتركنى دون ذكرى لا تنسى فوجدت قلبى وكأن خنجراً يغرس داخله وروحى تنسحب وتحلق فى السماء بعيداً كالبرق لأفاجأ بعد ذلك بدقائق أنك رحلت فى تلك اللحظة وبرغم سنوات طويلة، فإن هذا الإحساس يعيش داخلى كلما تذكرت أنك بعدت ورحلت وتركت أميرة حبك وحدها.. أبى، اشتقت إليك وأحتاجك فانتظرنى لأقص عليك، عندما نلتقى، ما حدث لى.