حكاية مؤلف "الرجل الآخر": دخلت إلى عالم السيناريو من بوابة الرواية
السيناريست مجدي صابر
غزل بكلمات صادقة حكايات البشر، حوَّلهم على أوراقه إلى شخصيات من لحم ودم في عالم خصب ملىء بالقصص والحكايات الفريدة، ما خلق بين شخصياته والمشاهد رابطا قويا لم ينقطع، فلا ينسى أحد رجل الأعمال الفاسد "مختار العزيزي" الذي قرر التمسك بالبراءة داخله بـ"عبدالله"، الذي كان بمثابة فرصة ثانية له في "الرجل الآخر"، أو جابر مأمون نصار، الذي يطارده ماضيه فيهد عالمه في "للعدالة وجوه أخرى"، أو "الباشمهندسة فاتن" في "أين قلبي" التي تواجه الضربات واحدة تلو الأخرى في سبيل الحفاظ على عائلتها، حياة ليلى مراد التي كوَّنتها سلسلة من الانتصارات والانكسارات في سيرتها "أنا قلبي دليلي".. كلها أعمال رسم ملامحها الكاتب والسيناريست مجدي صابر فأصبحت علامات للدراما الرمضانية، بالرغم من مرور سنوات على عرضها الأول، إلا أنّها لا تزال صالحة للمشاهدة.
"دخلت إلى السيناريو من بوابة الرواية".. هكذا قال السيناريست مجدي صابر وهو يتذكر أولى تجاربه في الكتابة للدراما التليفزيونية: "بدأت الكتابة كروائي، ولي سلسلة كتب متنوعة للشباب بين الجاسوسية والرومانسية والخيال العلمي، وكان الخيال لديّ لا حدود له، وكان لديّ قدرة على الحكي وعزل التفاصيل مع تعدد الشخصيات داخل العمل الواحد، وعندما بدأت الكتابة للتليفزيون بدأت بـ5 روايات تم تحويلها إلى خمسة مسلسلات، كان أشهرها "حارة المحروسة"، وحقق نجاحا كبيرا في ذلك الوقت، بعد تلك الخطوة فكرت في التحول من عالم الرواية إلى الدراما، لأنّه عالم أوسع وأشمل ويحتمل تفاصيل عديدة ببشر حقيقيين من لحم ودم، وشعرت أنّني أصبحت لاعبا في ملعب الدراما فتوقفت عن كتابة الروايات، وبدأت كتابة أول عمل غير مأخوذ عن أصل روائي وهو "الرجل الآخر"، بطولة الفنان الراحل نور الشريف، إذ كان مكتوبا مباشرة للتليفزيون.
"الصدق وكتابة تفاصيل الشخصيات بعناية، ومناقشة قضايا حقيقية تهم الناس، هو ما تفتقده الدراما الحالية، بعد ما أصبحت بعيدة عن شكل المجتمع المصري، ويجب أنّ يكون العمل به رؤية اجتماعية لمشكلات وهمّ المجتمع المصري، وهو ما حرصت على مزجه داخل الأعمال التي كتبتها، على سبيل المثال (للعدالة وجوه كثيرة) إخراج محمد فاضل، وبطولة يحيى الفخراني، عندما تطرقنا إلى حق الطفل مجهول النسب في الحياة بكرامة داخل المجتمع، وخلال هذا الإطار ناقشنا مجموعة مهمة من القضايا منها أوضاع دور الأيتام، وواجب تحملنا جزءا من رعايتهم، ولا يتم طرح المشكلات بشكل مباشر، بل ممزوجة بنوع من التشويق، واستمررت على هذا الخط من الكتابة حتى عندما عملت على (أين قلبي) الذي يعتبر مسلسلا رومانسيا، ولكنه محمّل بعدد من القضايا المهمة، بينها الأم العزباء التي تضطر إلى تربية أبنائها في مراحل المراهقة بمفردها، والفساد في الأحياء ومحاولات الرشوة".
"الكتابة ليست مهنة أو حرفة، ولكنه عمل فني نبيل مليء بالتفاصيل البديعة، أولى مراحل الفشل عندما يتعامل الكاتب مع الكتابة باعتبارها مهنة، الكتابة تمارس باعتبارها ضميرا، إذ يعبر الكاتب عن الهمّ بداخله في أعماله أو يناقش قضايا في مجتمعه من واجبه طرحها، أو كشف المستور عنها ومناقشتها مع الجمهور، أو تقديم مُثل نبيلة وخَيرة، وأعتقد أنّ الأعمال الدرامية التي تضمنت ذلك كانت ناجحة، ليس بالضرورة أنّ تتضمن الدراما جرائم قتل وألغازا حتى تجذب انتباه المشاهد، وأرفض أنّ يكون بطلي هذا النموذج السلبي الرديء".
"عملت مع كبار الممثلين، لكني لم أقم مسبقا بكتابة عمل خصيصا لاسم بعينه، أنّا أكتب النص ثم أبحث مع المخرج مَن الأنسب لتقديمه، وهذه الطريقة في العمل سببت مشكلة في الدراما على مدار السنوات الأخيرة، إذ تقوم المعادلة المعكوسة الآن، فالنجم خاصة الشباب هو الذي يختار الموضوع الذي يقدمه، وفي معظم الأوقات تكون ورشة كتابة ويتم تفصيل النص على مزاج النجم، وتكون النتيجة خالية من مضامين أو قضايا مهمة، المعادلة الصحيحة تبدأ بالسيناريو ثم المخرج ثم فريق العمل، وأستغرب غياب أبرز صناع الدراما عن الشاشة مثل محمد فاضل، وأنعام محمد علي، ومجدي أبوعميرة، ومحمد جلال عبدالقوي، ويسري الجندي، هذا خطأ يجب تصحيحه".