«وزير التعليم العالى بيقولك إيه يا سيدى: آه! بيقول أستاذ الجامعة الموجود حالياً: عايز عسكرى يحركه ويوجهه». ليست هذه بالطبع دعوة لعسكرة «الأستاذية»، بل دعوة لـ«أستذة» العساكر. فأستذة العسكر تعد السبيل الوحيد الذى سوف يدفع بالجامعات المصرية إلى مراكز متقدمة فى التصنيفات العالمية للجامعات البوليسية! وقد كان الدكتور محمد النشار -وزير التعليم العالى الجديد- من أكثر المخلصين لفكرة «الحرس الجامعى»، وتمتع الرجل بلسان جرىء –حيث إن الجرأة ليست فى العيون فقط- حين دعا بعد الثورة إلى عودة الحرس الجامعى مرة تانية!
واضح أن «النشار» ضل الطريق إلى وزارة الداخلية! لأن تخصيص عسكرى لكل أستاذ سوف يتطلب آلاف العساكر، ولو عمم الوزير التجربة لتشمل الطلاب –وأتصور أنه لا يمانع فى ذلك- فسوف يجد نفسه فى حاجة إلى مئات الألوف من العساكر. وقد يقتضى الأمر الاستعانة بقطاع الأمن المركزى بحاله وماله وعصيانه وقنابله المسيلة للدموع، وكمان مصفحاته أم زلومة. وقد سبق و«رفض» الوزير كافة الدعوات التى صرخ بها طلاب جامعة حلوان -عندما كان رئيساً لها قبل أيام- لكى يتدخل لدى «المجلس العسكرى» للإفراج عن طالب معتقل فى أحداث العباسية. و«الريس» اللى أصبح وزير عنده حق.. إيه اللى ودى الواد ده هناك. أكيد لو كان فى «عسكرى» مسئول عنه لكان مسكه من قفاه ومنعه من الذهاب إلى العباسية عشان يحميه من نفسه الأمّارة بالوقوف ضد «العسكرى»!
وللعسكرى الواقف ورا أستاذ الجامعة فوائد كثيرة، إذ يمكن أن يمنع هذا الأستاذ من حكاية تغيير «جلدة» الكتاب الجامعى التى يشكو منها الوزير، ويتوجه إليه بالزجر والعتاب كلما حاول أن يكرر الكتاب، ويكتب عنه التقارير كلما ترك البحث العلمى وتمدد على السرير، ويحرضه على الإمساك عن الكلام فى الصحو وعند المنام، ويعلمه فن القناعة كلما طالبته بزيادة المرتب نفسه الطماعة لتنتظم حركته مثل «رقّاص» الساعة! كل ما ألومه على الوزير محمد «النشار» أنه «نشر» غسيل الأساتذة اللى مش ولابد أمام مجلس الشورى، ومش عارف هل كونه «نشّاراً» فرض عليه أن «ينشر» غسيل الجامعة ويفضح الأساتذة بهذا الشكل؟! كذلك كان من المهم أن «ينشر» «النشّار» على الأساتذة إنجازاته العلمية المهولة وكيف يتعامل مع موضوع «الجلدة» الخاصة بكتبه الجامعية. عموماً على «الأساتذة» الذين يلومون الوزير على دعوته لـ«أستذة العساكر» -رغم الثورة التى قامت ثم قعدت- ألا ينسوا أن الوزير مخدش باله من الثورة ووجع دماغها، لأنه مش فاضى زى غيره، وكمان «العسكرى» المسئول عنه كان «حابسه» فى «أودة الفيران» عشان يذاكر تقارير أمانة السياسات بالحزب الوطنى «الذى تم حله» وماشى حالياً على «حل شعره»!.