المقاهى: ملتقى الصحبة و«المزاجنجية» تعمل بنصف طاقتها
المقاهى متنفس الصائمين بعد الفطار
حركات سريعة، يقطع بها أحمد السيد، صاحب الـ40 عاماً، طرقات المقهى ذهاباً وإياباً، بين الزبائن الذين اختلفت طلباتهم، وهو يحاول أن يلبى لكل منهم ما يريد، فتارة ينادى بصوت مرتفع على «عامل النصبة» فى الداخل لتجهيز كوب من الشاى أو فنجان من القهوة، وتارة أخرى يتجه هو مسرعاً بنفسه إلى الداخل ويخرج يحمل على يديه صينية من فوقها بعض المشاريب ليقوم بإنزالها واحداً بعد الآخر أمام طالبيها، فى حال يستمر عليه «أحمد» طيلة ليل رمضان فى ذلك المقهى المستقر فى واحد من الممرات المتفرعة من شارع محمد محمود من ناحية ومن ميدان التحرير من ناحية أخرى.
يرى «أحمد» أن المقهى فى ليالى رمضان يُعتبر بمثابة متنفس للصائمين بعد إفطارهم، لا سيما «المزاجنجية» من بينهم، حسب «أحمد»، ممن يرغبون فى شرب الشيشة والشاى والقهوة، فيكون المقهى وجهتهم، لا سيماً فى الصيف للاستمتاع بهواء الليل، إضافة إلى فئة أخرى، عبّر عنها أحمد قائلاً: «غير بقى لمات الصحاب اللى بيتجمعوا يفطروا مع بعض، فبتكون القهوة هى ملتقى الصحبة بالنسبة لهم»، هذه الساعات القليلة من العمل قد تشكل نوعاً من الضغط على «أحمد» ومن يعمل معه، نظراً لضيق الوقت، ليعبر عن ذلك قائلاً: «بعد الفطار على طول بيكون فيه ضغطة لأن كل الناس بتبقى جاية اللى بيشرب معسل بيبقى عايز الشيشة تجيله بسرعة واللى عايز يشرب حاجة بيبقى مستعجل».
"أحمد": "يا دوب بنشتغل كام ساعة بالليل.. وبنقلل عدد العمال النص عشان نخفّض النفقات"
على مدار ما يزيد على 30 عاماً، عمل فيهم «أحمد» فى هذه المهنة، كانت أيام شهر رمضان فيها هى الأصعب نظراً لإغلاق المقهى معظم ساعات اليوم، ومن ثم لا يمكن مقارنة عمل المقهى فى أيام رمضان بغيرها من الأيام العادية، وفق قوله: «مابنشتغلش زى الأيام العادية أبداً لأن اليوم كله ضايع، ويا دوب بنشتغل كام ساعة»، فقط هى مباريات كرة القدم التى تعوض شيئاً مما يفقده المقهى فى نهار رمضان، على حد قول «أحمد»، ففيها تتجمع أعداد كبيرة على المقهى لا سيما فى رمضان. الاتجاه إلى تقليل عدد العاملين فى المقهى أسلوب يتبعه أصحاب العمل خلال الشهر لتقليل النفقات، على حد قول «أحمد»، ففى المقهى الذى يعمل به، تم تقليل العدد من 6 عمال خلال اليوم إلى 3 فقط، لا يتم تسريحهم، وإنما يكون العمل بالتناوب بينهم. عودة الحياة إلى المقهى بعد رمضان لا تبدأ مع بداية العيد مباشرة، أو يرتبط ذلك بالمكان الذى يوجد فيه المقهى، على حسب «أحمد»، فبالنسبة له، لا يعود المقهى إلى سابق عهده فى العمل مرة أخرى إلا بعد مرور أسبوع كامل بعد رمضان وانتهاء أيام العيد، تسبق هذه الفترة بعض التجهيزات فى المقهى لما ينقصه، استعداداً لعودة العمل مرة أخرى بالطاقة الكاملة.