طريق النجاح واحد، ولكن يختلف السائرون فيه، منهم شركات تبحث عن تحقيق أقصى أرباح ممكنة، ودول تسعى لتعزيز رفاهية مواطنيها، وأفراد يستهدفون بناء أمجاد شخصية، وتحسين ظروف عائلاتهم.
هذا الطريق يحكمه «منطق واحد» ينطبق على كل هؤلاء، هو «أفكر أولاً - أعمل أكثر - أجتهد دائماً».
لو تحدثنا عن المبدأ الأول وهو «التفكير أولاً»، سنتحدث عن فكرة وضع الخطة، قبل السير، وتحديد الوجهة قبل اختيار الطريق، وحصر البدائل، قبل تفضيل أى منها.
وإذا طبقنا هذا على الدول، فلن تجد أبداً دولة تقدمت بمحض الصدفة، أو كان الحظ اللاعب الرئيسى فى تحقيق رفاهية مواطنيها.
وبدراسة وتتبع تجارب الدول الرائدة حول العالم، سنجد بعضاً منها حقق تقدمه بعدما وضع خطة محكمة للغاية، وبدأ فى عصر التكنولوجيا، والتطور، بأدوات تتواكب وتتناسب مع متطلبات هذا العصر، فنجح من أول مرة.
والبعض الآخر مر بمراحل من التجارب والفشل والنجاح حتى وصل إلى القدرة على التخطيط السليم والذكاء فى الاستثمار والتنمية بما يحقق الأهداف مباشرة، ووضع نفسه على الطريق منذ عقود، ووصل إلى درجة متقدمة من التطور والنمو، وما زال يسير نحو ملاحقة تطورات العصر والاستثمار، والرهان على الموضوعات الرابحة التى تصل به إلى الهدف مباشرة.
وعن شكل خطط الدول، فهى لا تختلف كثيراً عن خطط الشركات، فكل دولة تحتاج إلى خطة عمل، تقوم على تحديد هدفها، وحصر إمكانياتها، ورسم خطة تنفيذية بأدوات منطقية، وبدائل متعددة، تضمن الوصول للهدف.
هذا الهدف دائماً ما يرتبط بالإنسان، وتحقيق رفاهيته، وضمان حياة أفضل له، فى الحاضر والمستقبل، وتعزيز قدرته على الاختيار الصحيح، واتخاذ القرارات الصائبة، والاستمتاع بكل ما حوله، فما هى فائدة تجميل الجماد، إذا كان الكائن الحى غير قادر على رؤيته؟!
وفى مصر لدينا خطط وأهداف واضحة للغاية، وأتحدث هنا عن رؤية 2030، التى رسخت لفكر جديد فى التخطيط الاقتصادى فى مصر، ولكننا بحاجة لبذل مجهود أكبر فى حصر الموارد، وجمع البيانات وتحليلها بشكل أفضل لتحديد الطريقة الأمثل للاستفادة بكل مورد.
وعلى سبيل المثال، تمتلك الدولة قوة بشرية هائلة قوامها 100 مليون مواطن، أكثر من 40% منهم فى عمر الشباب، لديهم قدرة هائلة على الإنتاج والعمل، والإبداع، ولكن لم نستفد منهم بالشكل الأمثل، ولم نحقق المردود الكافى منهم على الاقتصاد القومى.
لذا لا بد أن يتم عمل تخطيط عام للموارد البشرية فى الدولة، وتقسيمها إلى فئات، من حيث العمر، المهارة، المعرفة، القدرة على الإبداع، القدرة على مواكبة تطورات العصر، وتوجيههم إلى الأنشطة ذات المردود العالى على التنمية المستدامة.
ويعتبر هذا بمثابة تخصص أصيل لوزارات التخطيط، والقوى العاملة، والمحافظات، والأجهزة البحثية الحكومية، تحت إشراف قيادات الدولة التى ينبغى أن تضع عيناً على تطوير الواقع فى مصر، وعيناً أخرى على تطورات الواقع فى الخارج، حتى نضمن بقاءنا على مسافة ليست بعيدة للغاية عن عملية التقدم والتطور التكنولوجى التى تحدث حول العالم مع انطلاق قطار الثورة الصناعية الرابعة.
المبدأ الثانى، المتعلق بـ«العمل أكثر»، هذا يرتبط بالمواطن نفسه، فلا يمكن لأى قيادة أو مدير أن يحصل على أعلى إنتاج من موظف لا يريد أن يعمل!
وبالتالى نحن فى حاجة ملحة لتعديل ثقافة العمل لدينا، وعدم المطالبة حالياً بتطبيق ظروف العمل المثالية المتعلقة بالعمل 6 ساعات أو 8 ساعات يومياً، والحصول على إجازات تصل فى مجموعها إلى 140 يوماً تقريباً للموظف الجديد فى الأجهزة الحكومية.
لأنه لا توجد دولة متقدمة حققت نهضتها بعمل أبنائها لمدة 6 ساعات أو 8 ساعات، ولكن الأصل أن يجتهد كل منا، ويعمل على مدار الساعة، حتى يحقق مجد وطنه، فيتحقق مجده الشخصى.
المبدأ الثالث، المتعلق بـ«الاجتهاد دائماً»، يرتبط أيضاً بالمواطنين، فلابد أن يحفز كل منا نفسه على العمل ومواصلة التطور والتقدم، لحصد الثمار فى النهاية، ولابد أن نبنى أهدافاً جديدة أكثر طموحاً وأن نصبح أكثر إصراراً على تحقيقها.