الجنيه يربح 117 قرشاً منذ بداية العام.. وتحويلات العاملين وإيرادات القناة أبرز الأسباب
الشارع المصرى يترقب تراجع سعر الدولار أمام الجنيه
شهدت تعاملات سوق صرف النقد الأجنبى على مدار الآونة الأخيرة استمرار تحسن الجنيه المصرى أمام العملات الأجنبية، وعلى رأسها العملة الأمريكية الأكثر تداولاً فى السوق المحلية، ويصر الجنيه على مواصلة مكاسبه التى تجاوزت مستوى 117 قرشاً منذ بداية العام الجارى ليصل سعر الدولار إلى مستوى 16.71 جنيه.
ووفقاً لحركة أسعار الدولار أمام الجنيه التى ينشرها البنك المركزى يومياً على موقعه الإلكترونى فإن ارتفاع الجنيه يدور حول نسبة قدرها 6.2% خلال فترة 5 شهور. وبحسب الأرقام فإن هذه المرة الأولى التى يتحسن فيها الجنيه المصرى بهذا الشكل منذ نحو عامين.
البنك المركزى المصرى، قال فى بيان قرار تحرير سعر الصرف، إنه ترك تحديد الأسعار للبنوك العاملة فى السوق المحلية وفقاً لآلية العرض والطلب على النقد الأجنبى، ولعل أهم تفسير لتحسن القوة الشرائية للجنيه يظهر فى مجموعة من الأرقام التى تصدرها الجهات المختلفة تندرج تحت موارد واستخدامات النقد الأجنبى فى مصر.
وتجاوزت موارد النقد الأجنبى التى كشف عنها البنك المركزى المصرى فى وقت سابق مستوى الـ150 مليار دولار منذ عملية تحرير سعر الصرف، وكانت داعماً رئيسياً للجنيه المصرى فى تعاملات السوق المحلية أمام الورقة الأمريكية، فضلاً عن تعزيز أرصدة الاحتياطى النقدى الأجنبى الذى ارتفع من مستوى 13 مليار دولار قبل الإصلاح الاقتصادى إلى 44.2 مليار دولار.
ولعل أبرز أسباب تحسن موارد النقد الأجنبى بالأرقام هو ارتفاع تحويلات العاملين فى الخارج إلى مستوى 29 مليار دولار العام الماضى مقابل نحو 17 مليار دولار قبل تحرير سعر الصرف، بالإضافة إلى تراجع العجز فى الميزان التجارى بنحو مليار دولار بين العامين الماليين 2015-2016 و2017-2018، والذى جاء مدعوماً بتحسن الصادرات.
"محمد": سعر الدولار ليس أولوية والأهم زيادة الإنتاج المحلى وتعزيز الصناعة الوطنية.. و"عمارة": برنامج الإصلاح الاقتصادى هو الأجرأ فى تاريخ مصر
أرقام البنك المركزى تشير إلى نمو إيرادات قناة السويس بنحو 700 مليون دولار، وارتفاع إيرادات السياحة من مستوى 4.3 مليار دولار فى 2016-2017 إلى 9.8 مليار دولار فى العام المالى 2017-2018، وفى الربع الأول من العام المالى الجارى حققت إيرادات 3.9 مليار دولار، وسط توقعات لتحقيق إيرادات تصل إلى مستوى 12.5 مليار دولار العام المالى الجارى بحسب صندوق النقد الدولى، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 18.1 مليار دولار فى 2022-2023.
أيضاً كان لتراجع فاتورة مدفوعات المسافرين إلى خارج مصر من مستوى 4 مليارات دولار إلى 2.5 مليار دولار، والقضاء على السوق السوداء التى كانت تستحوذ على أكثر من 20 مليار دولار من موارد الاقتصاد المصرى من العملة الصعبة واستعادة الجهاز المصرفى السيطرة على تداول النقد الأجنبى، أهمية كبيرة فى استعادة الجنيه المصرى عافيته.
ارتفاع موارد النقد الأجنبى يعزز الثقة فى الاقتصاد المصرى ويمنح الجنيه قوة أمام بقية العملات
ومن بين أهم الأسباب التى أدت إلى تحسن سعر الجنيه أمام الدولار، تزايد استثمارات الأجانب فى أدوات الدين الحكومية من ناحية كواحدة من موارد النقد الأجنبى وتراجع استخدامات العملة الصعبة فى البنوك من بينها الطاقة، خاصة بعد أن نجحت مصر فى تعزيز موارد الطاقة لديها محلياً، واكتشافات الغاز التى ستوفر على مصر أكثر من 2.5 مليار دولار سنوياً بعدما حققت الاكتفاء الذاتى إثر توقفها عن استيراد الغاز الطبيعى المسال من الخارج.
عبدالرحمن محمد، خبير مصرفى قال لـ«الوطن»: «شهدنا إقبالاً من المستثمرين الأجانب على أدوات الدين الحكومية فى الوقت الذى تعانى فيه الأسواق الناشئة من أزمات»، لافتاً إلى أن مصر استطاعت الحفاظ على جاذبيتها للاستثمار الأجنبى رغم ارتفاع العائد على الاستثمار فى أسواق تتعرض لمشكلات مثل الأرجنتين وتركيا.
وأوضح «محمد» أن سعر الدولار ليس المسألة ذات الأولوية فى الوقت الحالى، بينما المهم هو توافره من خلال موارد مستدامة، وهو ما سينعكس لاحقاً على سعر الجنيه بشكل أكبر فى المستقبل، وشدد على أهمية العمل على زيادة الإنتاج المحلى وتعزيز الصناعة المحلية والخدمات وهو ما سيعمل على تخفيض الضغط على الدولار من ناحية ويرفع الموارد من ناحية أخرى عبر بوابة التصدير للخارج.
وتابع الخبير المصرفى: «يجب علينا الاهتمام بشكل كبير بجودة المنتج المحلى وتخفيض التكلفة حتى يستطيع المنافسة مع المستورَد الذى يتم بيعه فى السوق المحلية، وينافس منتجات دول أخرى فى أسواق كبيرة مثل الاتحاد الأوروبى.
أما ياسر عمارة، الخبير المصرفى، فقال: «إن نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى أدى إلى تحسن سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية»، لافتاً إلى أن ما حدث فى مصر من إصلاحات بدأ يؤتى ثماره.
وتابع «عمارة» أن الاقتصاد المصرى شهد تنفيذ برنامج يحتوى على إصلاحات مالية ونقدية وهيكلية قوية هى الأجرأ فى تاريخ مصر.