تتصاعد وتيرة الرفض الشعبى والرسمى الفلسطينى لورشة البحرين الاقتصادية المزمع انعقادها نهاية الشهر الحالى تحت عنوان «ورشة الازدهار من أجل السلام» بما تشكله من خطورة على القضية الفلسطينية، لتحويلها إلى مجرد قضية إنسانية وتصفيتها سياسياً تنفيذاً لخطة صفقة القرن.
المربك فى الأمر هو مشاركة الدول العربية مثل الإمارات والسعودية، غير أن دولاً بحجم مصر والأردن «لم يعلنوا قبولهم المشاركة» فى ورشة المنامة الاقتصادية التى تنظمها الإدارة الأمريكية حتى الآن، ورفضت لبنان والعراق وفلسطين المشاركة لأنها جاءت فى إطار الكشف عن الشق الاقتصادى لخطة البيت الأبيض المعدة لتصفية القضية الفلسطينية، والمعروفة إعلامياً بـ«صفقة القرن».
وبالرغم من الإجماع الفلسطينى على مقاطعة المؤتمر ورفض المشاركة فيه أو التحدث باسم الفلسطينيين، فإن الخوف يكمن فى إعطاء هذا المؤتمر القوة والشرعية ليكون شبكة أمان لإدامة الاحتلال فضلاً عن أنه سيتيح الفرصة لمناقشة الأفكار الأمريكية بنية تحسين الأوضاع الإنسانية الفلسطينية، متجاهلاً مناقشة القضايا الجوهرية التى تمس حياة الفلسطينيين وحقوقهم الوطنية، لأن مؤتمر المنامة سيكون بمثابة إعلان للقبول بالصفقة الكبرى التى أعدها ترامب وصهره جاريد كوشنر، وذلك بإعطاء الضوء الأخضر للإدارة الأمريكية لتكون سمساراً ووسيطاً لتصفية القضية الفلسطينية ونظامها السياسى، لذا يجب عدم إعطاء أى غطاء دولى، أو شرعية تسعى إليها إسرائيل.
كلنا نعرف أهداف أمريكا من انعقاد المؤتمر، وسعيها بكل السبل لتغيير الصورة الذهنية لإسرائيل وفرض الأمر الواقع باستمرار الاحتلال وسيطرته على الأراضى الفلسطينية والتسليم بذلك، فضلاً عن تجميل صورة الاحتلال وغض الطرف عن ممارساته العنصرية وسياسة الأبرتهايد والتطهير العرقى التى تمارسها إسرائيل على الشعب الفلسطينى، ومع ذلك فإن سياسة الولايات المتحدة لا تقل عنصرية تجاه الفلسطينيين وبالذات فى عهد إدارة ترامب الذى بادر بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعترف بها عاصمة لإسرائيل فى سابقة لم يجرؤ عليها أى رئيس أمريكى سابق! وأوقف المساعدات المالية المقررة للأونروا التى تقدمها للاجئين، فضلاً عن تصريحات السفير الأمريكى فى القدس «فريدمان» المستفزة والمحرضة ضد الفلسطينيين والتى تنم عن كراهية وعنصرية وتحيز للمستوطنين، وهى دليل لا يدعو للشك على نيات الولايات المتحدة لإيجاد حل نهائى وجذرى للقضية الفلسطينية يخدم مصالح إسرائيل ويقضى على حلم الدولة الفلسطينية، واعتبارها قضية إنسانية يجب معالجتها اقتصادياً بتحسين مستوى المعيشة للسكان الفلسطينيين والاستثمار داخل الأراضى الفلسطينية حتى يشعر المواطن بالاستقرار وينسى قضيته السياسية الأساسية إلى الأبد، وفى كل الأحوال فإن ورشة المنامة لن تخرج عن كونها مؤتمراً اقتصادياً لن يكتب له النجاح لغياب العنصر الأساسى فيه وهو الجانب الفلسطينى الذى تدور حوله جلسات الورشة، كذلك لن يستطيع فرض أى أجندات على الفلسطينيين الذين رفضوه بالإجماع وطالبوا بمقاطعته، ولا أعتقد أن الدول المشاركة، وبالذات الدول العربية، ستجرؤ على اتخاذ أى قرارات أو إجراءات بالنيابة عن الفلسطينيين، أو إجبارهم على تقديم تنازلات مجحفة لصالح إسرائيل، كما أكدت معظم الدول التى دُعيت للمشاركة والتى إن شاركت ربما تشارك بمستوى تمثيل رسمى ضعيف.