أن يكون لك مشروع يدر لك دخلاً مالياً مناسباً، فهذا استثمار، وإن كان هذا المشروع لا يضر بالبيئة، فهذا استثمار نظيف.
أما إذا كان هذا الاستثمار مرتبطاً بعوائد إيجابية طويلة الأجل لكل من البيئة والمجتمع الذى يعمل فيه، مع تحقيق عوائد مالية مجزية أيضاً لصاحبه، فهنا نتحدث عن نوع جديد من الاستثمار اسمه «الاستثمار المؤثر».
حيث نشأ منذ عدة سنوات مصطلح «الاستثمار المؤثر» ليعبر عن المشروعات التى تمتلك فاعلية أكبر فى التأثير على حياة الشعوب، ومساعدة الاقتصاديات على تحقيق استدامة التنمية.
ووضعت مؤسسة التمويل الدولية عدة مبادئ وأهداف لهذا النوع من الاستثمار فى جميع مراحله، بداية من التخطيط ثم التشغيل ثم إنهاء المشروع أو تصفيته.
وشملت هذه المبادئ 9 مبادئ رئيسية، هى:
أولاً، تحديد أهداف الاستثمار المؤثر، بالتوافق مع أهداف التنمية المستدامة.
ثانياً، إدارة الأهداف غير المالية للاستثمار، بشكل مماثل لإدارة الأهداف المالية له.
ثالثاً، تحديد ما يمكن للمستثمر الإسهام به، لتحقيق الأثر المرجو.
رابعاً، تقييم الأثر المتوقع للاستثمار، وفقاً لمعايير منضبطة ومتوافقة مع أفضل الخبرات العالمية.
خامساً، تقييم ما قد يترتب على الاستثمار من أوجه سلبية، والتعامل معها ومراقبتها.
سادساً، متابعة أداء الاستثمار مقارنة بالمخطط له، وفقاً للنتائج المتحققة، واتخاذ الإجراءات المناسبة.
سابعاً، القيام بتحديد أسلوب التخارج من النشاط، وتوقيت هذا التخارج، وفقاً لاعتبارات استدامة الأثر الإيجابى للاستثمار.
ثامناً، مراجعة قرارات الاستثمار فى مراحله المختلفة، وتحسين عملية اتخاذ القرار، وتوثيق ما تم بدقة.
تاسعاً، النشر والإفصاح الدورى عن نتائج الاستثمار، ومدى تحقيقه للأثر المرجو من قبل جهة مستقلة.
وبالتالى لو عمل أحد المشروعات وفقاً لهذه المبادئ التسعة، سيتحقق ما يلى:
أولاً، تحقيق عوائد مالية قياسية ومستدامة لصاحب المشروع.
ثانياً، مساعدة الاقتصاد على بلوغ أهدافه التنموية من خلال استثمار يمثل قيمة مضافة حقيقية للمجتمع.
ثالثاً، المساهمة فى تحسين البيئة، وتحجيم الآثار السلبية التى تلحق بها نتيجة للعديد من المشروعات الاستثمارية التى لا تقوم على أسس منضبطة.
رابعاً، تخفيض الأعباء من على كاهل الحكومة فى تحقيق الأهداف الاجتماعية، باعتبار أن هذا النوع من الاستثمار مقترن بخدمة الأهداف الاجتماعية المختلفة، كمحاربة الفقر والبطالة وغيرهما.
وبالفعل بدأت العديد من المشروعات حول العالم تطبيق هذه المبادئ فى ضوء اعتناقها لفكرة «الاستثمار المؤثر»، حيث كشفت مؤسسة التمويل الدولية عن بلوغ إجمالى حجم الاستثمارات المؤثرة حول العالم لنحو 26 تريليون دولار تقريباً، من إجمالى 268 تريليون دولار تمثل قيمة الأصول المالية المملوكة لأفراد وعائلات ومؤسسات وصناديق استثمارية حول العالم.
وذكرت المؤسسة أنه فى حالة توجيه 10% إضافية من هذه الأصول المالية لمجالات استثمار ذات تأثير عالٍ فى حياة الشعوب والمجتمعات، ستكون هناك انعكاسات إيجابية طويلة الأجل على معيشة الأفراد.
وستتضمن هذه الانعكاسات انحسار معدلات الفقر والبطالة، وتحسن المستوى التعليمى والصحى للفرد، مع ارتفاع نسبى ملحوظ فى نصيبه من الناتج المحلى الإجمالى، الأمر الذى يعبر فى النهاية عن تحسن رفاهية الفرد، وتحجيم التحديات اليومية التى تواجهه.
وتشمل مجالات الاستثمار المؤثر العديد من القطاعات الإنتاجية يأتى فى مقدمتها الطاقة، الكيماويات، الغذاء، النقل، وغيرها.
وفى مصر توجد العديد من المؤسسات التى اتجهت للاستثمار فى مجالات ذات تأثير عالٍ على حياة الفرد والمجتمع، ولكن افتقاد أغلب هذه المشروعات لبعض المبادئ أفقدها الانضمام لفئة «الاستثمار المؤثر» الذى تنادى المؤسسات الدولية المختلفة بدعم العاملين فيه حالياً، وتوجيه استثمارات الصناديق الدولية إليه.
وبالتالى يمكن للعديد من الشركات التى تعمل فى مجالات التأثير العالى على المجتمع أن تراجع سياساتها وتعدلها وفقاً للمبادئ التسعة التى جاءت فى تقرير مؤسسة التمويل الدولية، حتى تتمكن من تحقيق مساهمة أكثر إيجابية فى الاقتصاد المصرى، وكذلك إمكانية الحصول على مزيد من التمويلات الدولية لتوسيع نشاطها فى الداخل، أو من خلال تدشين شراكات مع مستثمرين دوليين يسعون لنشر هذه الثقافة الاستثمارية الواعدة.