فى ألبوم الذكريات لقطات ولقطات بينها أيام وسنوات وعقود، إلا أنها جميعاً بألوانها الزاهية أو الباهتة أو البيضاء والسوداء أو المائية التى تكاد تذوب الصورة بين ألوانها متداخلة كالأمواج الهادئة الحركة أو حتى المظللة التى تنعكس فيها الألوان، والتى كنا نطلق عليها كلمة (عفريتة) أو (نيجاتيڤ)، قبل ظهور الدجيتال والفورى والمجسم وثلاثى الأبعاد، كلها ترسم تاريخ كل منا والانتقال من مرحلة لأخرى، ليس فى الحياة أو الملامح فقط بل إنها تتحدث وتصف وتبدع، وقد تخرج نشازاً أو صوتاً حاداً كالصراخ أو موسيقى حالمة ناعسة عند الحديث، لأن كل ما تخرجه هو نحن وحكايات العمر كله ومشاعرنا وعلاقاتنا وانفعالاتنا والحقيقة التى نحاول تجميلها أو إخفاءها عن العيون أو إضافة بعض المحسنات لها، ومن ضمنها الأفراح والأحزان والمجاملات الاضطرارية والواجبات شديدة الثقل والقسوة، والأخرى العزيزة على النفوس والعقول التى تمنينا لو لم نغلق صفحاتها أو ننتقل لصفحة أخرى ونغادرها وحاولنا التشبث بما بقى منها.
كما أن هناك من بينها صوراً عندما تراها تفاجئك ابتسامة لا تعرف من أين جاءت تفاصيلها، ولا كيف رسمتها شفتاك وعيناك وكل خلجات وجهك وأصابع يديك وخطواتك وهزات جسدك وخصلات شعرك، وتلك الدمعة اللامعة الساكنة على طرف العين المترقبة المنتظرة المستعدة للانزلاق على وجنتيك وكل لفتة أو انحناءة منك، فكل هؤلاء ينضمون للابتسامة ولا تستطيع تجاهلها أو السيطرة على كم الحب والسعادة والانتماء التى تحتويها وتفيض منها، ولا تملك أمامها إلا الدعاء والحمد على تلك الهبة فى حياتك، وهى صاحب الصورة دون شك، فلكل منا أشخاص لا نملك أمامهم إلا الابتسامة أو فلنقل إن انعكاس صورتهم فى المرآة هو ابتسامة القلب والحياة والدنيا كلها والسماء بنجومها وقمرها وشمسها وجميع الكواكب التى تدور وتدور ولا تتوقف إلا عندما ترى صاحب الصورة، فعندما تلمحه تتوقف برهة لا يمكن قياس زمنها لأنها خاصة جداً وثمينة ونادرة ولا ينطبق عليها أى من الأسماء العلمية أو الزمنية القديمة أو الحديثة، وفى ألبوم الذكريات هناك بينها تلك الأوراق التى قد يحتاج بعضها لأجهزة ترميم الأوراق ذات التقنيات العالية التى يستخدمها مرممو الآثار القديمة الثمينة فى المتاحف والمكتبات الأثرية توجد صورة (شاحن القلوب)، ومما لا شك فيه أن ملامحه وسماته الخاصة تختلف من واحد لآخر، إلا أن قدراته معروفة ومشهورة لدى الجميع، فهو الذى يهبنا القدرة على الاستمرار والعمل والحياة والسير وسط آلات الزمن التى تعدو وتعدو ولا تنتظر المتعثرين أو المتباطئين الكسالى أو من ترهقهم أحداث اليوم، وبرغم معرفتنا المسبقة به إلا أن هناك اختلافاً وتفاوتاً من شخص لآخر وبين متلقى الشحن أيضاً، ويبدو أننا تماشياً مع أحدث صيحات العصر الذى نعيشه أصبحنا نتشابه مع أدواتنا الإلكترونية التى لا تعمل دون تلك الشواحن بأنواعها المختلفة، فعند شرائنا أحدها فإننا نبحث عن التوافق والتكامل والسهولة بين الأجهزة حتى لا نعانى عند فقد أى منها شاحنه، كما أننا نبحث عن تلك الأجهزة فائقة السرعة فى تلقى الشحن ونبتعد تماماً عن المتلقّى البطىء، وفى عالم الإلكترونيات بدأت كبرى المصانع تتجه إلى العديد من المتغيرات وإلى أحدث صيحات فى التصنيع، التى تركز على أن يكون لكل جهاز حديث من بين قدراته العالية القدرة على تلقى الشحن من خلال منفذ يتوافق مع أغلب الماركات العالمية لتتوحد أجهزة الشواحن، وإن كان هذا هو حال الجماد والإلكترونيات فإننى لا أتصور أن تتشابه شواحن قلوب البشر مهما حدث فى العالم، فأرجوكم أصدقائى وأحبائى أن تبحثوا وتختاروا وتتمهلوا وتتأملوا جيداً قبل أن يقع اختياركم على شاحن القلب الخاص. أعانكم الله على حسن الاختيار ومنحكم الأرقى والأجود والأقوى والأبقى والأجدر والأعز والذى يستحق أن يحصل على ذلك اللقب.