أيام قليلة ونحتفل بذكرى مرور 6 سنوات على قيام أعظم -وأكبر- ثورة فى التاريخ، ثورة 30 يونيو التى استطاع المصريون خلالها الإطاحة بحكم جماعة الإخوان الإرهابية، وقطع الطريق تماماً على مخطط إقامة سلطة الدولة الدينية الطائفية فى مصر، وإنقاذ أيضاً المنطقة العربية من مخطط تقسيمها وفقاً لما يسمى بـ«مشروع الشرق الأوسط الكبير» الذى طرحه قبل سنوات رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق شيمون بيريز، وتبنته الولايات المتحدة الأمريكية وشرعت فى تنفيذه بالفعل.
استعاد المصريون وعيهم قبل فوات الأوان، وكشفوا سريعاً خدعة «الربيع العربى» التى حولت قوى الشر من خلالها دولاً مثل تونس وليبيا وسوريا واليمن إلى ساحات مفتوحة للحروب والصراعات الإقليمية والدولية، ومرتع لجماعات العنف المسلح والتطرف والإرهاب باسم الدين.
اكتشف المصريون أن هؤلاء المتسترين باسم الدين مجرد دمى متحركة، خيوطها فى أيدى قوى استعمارية تستهدف تفتيت المنطقة وتقسيمها بتفجير الصراعات العرقية والدينية والمذهبية. وقف المصريون أمام المفارقة، فمن قدموا أنفسهم كدعاة ورعاة لـ«ثورة» 25 يناير، والتحركات «الثورية» فى الدول المحيطة تحت غطاء نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان، تحالفوا مع أكثر القوى عنفاً ورجعية وعداء للديمقراطية وحقوق الإنسان!.
أدرك المصريون أن تحالفاً شريراً يضم الولايات المتحدة الأمريكية، وبعض دول الاتحاد الأوروبى وعلى رأسها بريطانيا، وقطر وتركيا، لا يمكن أن تكون نواياه طيبة وهو يدعم سراً وعلانية وصول الإرهابيين للحكم.
من المفيد الآن أن نؤكد أن مصر بعد 30 يونيو دخلت لمرحلة انتقالية -مستمرة حتى الآن ولم تنته بعد- محملة بالعديد من التناقضات والمخاطر والتحديات الداخلية والإقليمية والدولية، فخطر الإرهاب الإخوانى و(الداعشى) ما زال قائماً، والحرب دائرة على الأرض، ويدفع فيها الشعب المصرى، وقواته المسلحة وشرطته، الكثير من دمه وأمواله يومياً، ومخططات هدم الدولة وتمزيق المجتمع من الداخل تنتهز أشباه الفرص، على أمل التحقق، وخرائط تقسيم المنطقة متوافرة بأكثر من نسخة ولم تحرق بعد.
المطلوب من المصريين الآن الانتباه لفصيلين يسعيان بلا كلل ولا ملل ولا يأس لوقف مسيرة التنمية والنجاحات المتعددة على أكثر من صعيد، الفصيل الأول يضم جماعات الفساد والرأسماليين الطفيليين، والفصيل الثانى يضم جماعات الإرهاب والتأسلم وأنصارهم المدعومين من قوى رجعية لا تؤمن بمفهوم الدولة الوطنية.
الصراع ما زال قائماً ولم يتم حسمه بعد حتى اللحظة الراهنة، نحن الآن أمام حلفين اجتماعيين وتوجهين اقتصاديين، هناك حلف وتوجه يمثل قوى الرأسمالية الطفيلية، والتبعية والفساد والطائفية، هذا الحلف يتصدى -وبعنف واضح- لتوجهات الحلف الآخر الذى يضم قوى الرأسمالية الوطنية المنتجة، والعارفين بأهمية وقيمة ومعنى الاستقلال الوطنى والاقتصادى، والمؤمنين بقيم المواطنة والحداثة والاستنارة والعدالة الاجتماعية.
نحن باختصار ودونما لف أو دوران أمام صراع بين الحداثة والتخلف، بين التقدم للمستقبل والردة نحو الماضى، وعلينا الانتباه، فهذا الصراع يتغلغل بعمق فى المجتمع بين فئاته وطبقاته المختلفة فى الريف والمدينة، وما زلنا لم نحسم بعد معركتنا فى مواجهة الرافضين لتجديد الفكر الدينى والثقافى والسياسى، وما زلنا نرى بيننا من يأملون إقامة الدولة الدينية، وتكريس الأفكار الطائفية والمذهبية، ومن يرفضون بإصرار واضح حرية الفكر والاعتقاد.