أقام جهاز شئون البيئة منذ نشأته سنوياً احتفالات بيوم البيئة العالمى فى شهر يونيو من كل عام، حيث إنه المناسبة العالمية التى يراجع فيها العالم وضع البيئة عالمياً ومحلياً، ويصدر برنامج الأمم المتحدة للبيئة تقريراً سنوياً بحالة البيئة فى العالم، وبالتالى تصدر كل دول العالم تقريراً حول وضع البيئة فى كل دولة، ومن بينها مصر التى نص قانون البيئة على إصدار هذا التقرير السنوى ليُرسل إلى رئيس الجمهورية ومجلس النواب.
وكان لى شرف تنظيم أول احتفال بيوم البيئة العالمى مع زميلى د. عماد عدلى ومجموعة «الأهرام»، وأعلن أ. د مصطفى كمال طلبة، أول تقرير مختصر عن حالة البيئة فى العالم، وكان التركيز على الأمراض التى يسبّبها تلوث المياه ثم الهواء (وكانت مصر تعانى معاناة شديدة من مرض البلهارسيا القاتل)، وحضر الاحتفال بجريدة «الأهرام» مجلس الوزراء بالكامل، وفى حضور السيدة جيهان السادات، التى كانت راعية لأنشطة المكتب العربى للشباب والبيئة آنذاك، وضمنا تكريم كل من أسهم فى حماية البيئة آنذاك.
ومن المهم أن نذكّر الجميع كيف بدأت مسيرة البيئة فى مصر، كانت جيهان السادات، وقد حضرت للمكتب العربى عدة أنشطة قد أبلغت الرئيس السادات بأهمية البيئة، فطلب من د. فؤاد محيى الدين رئيس الوزراء، بدء العمل، فكلف نائب وزير شئون مجلس الوزراء المستشار عادل عبدالباقى بإنشاء لجنة البيئة بمجلس الوزراء وسكرتيرها أ. د جمال حسنى السمرة، أستاذى فى طب الصناعات والمشرف على رسالتى للماجستير بقصر العينى، حول أثر الإشعاع النووى فى مناجم الفوسفات فى مصر، وصدر عن هذه اللجنة جميع التوصيات التى ما زلنا نحاول تطبيقها.
وكان طبيعياً أن يضمنى المستشار عادل عبدالباقى وزملائى لهذه اللجنة العامة التى فتحت كل الملفات فى مجال الهواء، والمياه، والتربة، والضوضاء، والمخلفات الخطرة (ولم تكن قضية المناخ مطروحة)، وقد صادف أن رتب د. عبدالأحد جمال الدين لقاءً مع الرئيس مبارك، وطالبته بإنشاء وزارة البيئة، فرد عليا دعنا نبدأ بجهاز أولاً، كما أشار عليه د. عصمت عبدالمجيد بعد زيارة يوغسلافيا، ثم صدر قرار إنشاء جهاز شئون البيئة الذى أعده أ. د فؤاد محيى الدين وتوفى ليشغل مكانه كمال حسن على ويعين د. المحمدى عيد رئيساً لجهاز شئون البيئة، لتبدأ مرحلة العمل الحكومى فى البيئة عام ١٩٨٣، بعد رحلة طويلة على مدار عقد من الزمان منذ عام ١٩٧٤ إلى عام ١٩٨٣، انفرد بها المكتب العربى للشباب والبيئة بتنفيذ أكبر مشروع للوعى البيئى التابع لليونيسكو، وتم تطبيقه فى ٦ محافظات، وكان هذا هو أساس حركة البيئة فى مصر.
وقد امتدت المرحلة الأولى للعمل الحكومى البيئى منذ عام ١٩٨٣ وحتى عام ١٩٩٢، حين عقد مؤتمر قمة الأرض بريو دى جانيرو بالبرازيل وحضرنا مع وفد مصرى كبير وكانت هذه المرحلة التى صدر فيها عن أكاديمية البحث العلمى ولصالح جهاز شئون البيئة أول تقرير حالة بيئة أعده أ. د أبوالفتوح عبداللطيف وشاركنا فيه جميعاً، وكذلك أول خطة عمل بيئى وعرضت الوثيقتين أمام المؤتمر الدولى الذى شهد مظاهرات بيئية عارمة سدت شوارع ريو دى جانيرو، وشاركنا فيها جميعاً، وبعد العودة بدأت مرحلة «المنح الدولية الكبرى»، التى عاصرت إنشاء «سيدارى» فى مصر (مركز التنمية والبيئة).
وانتهت مرحلة العمل الحكومى لقيادة د. المحمدى عيد، التى أنشأنا فيها أكبر حديقة دولية فى القاهرة والإسكندرية والمنيا وأسيوط وأسوان، وأكبر حملات تشجير فى تاريخ مصر رفعت تعدادها إلى ٥٣ مليون شجرة، حينما ربطنا أنشطة البيئة بالشباب، وبدأت بعدها مرحلة «المنح الدولية الكبرى»، التى قادها الجيولوجى صلاح حافظ، وانتهى عام ٢٠٠٢ مع تولى د. نادية عبيد الوزارة، وخروج د. عاطف عبيد فى صراع واضح مع د. كمال الجنزورى، وتولى د. إبراهيم عبدالجليل مرحلة السحابة السوداء، لسوء حظه وحظ نادية عبيد، وتلك قصة أخرى.
وختاماً: فإن المرحلة السابقة قد نسيها كل وزراء البيئة، ولم يتم تكريم المؤسسين الأوائل للحركة البيئية فى مصر، ونسب كل من أتى بعد ذلك لنفسه فضلاً لم يشارك فيه، وعملاً لم يقم به!!