على مقعد فى أحد مطارات دولة من دول الخليج العربى، وبينما أنا فى انتظار النداء على الطائرة المتجهة إلى دولة خليجية أخرى، اقترب منى ثلاث فتيات فى مقتبل العشرينات من عمرهن، يرتدين العباءة الخليجية وبادرننى بالحوار التالى:
الفتاة الأولى: أهلاً أستاذ.. ممكن ناخد من وقتك بعض الدقايق قبل الصعود للطائرة؟
العبد لله: أهلاً.. تحت أمركن.
الفتاة الثانية: بصراحة نحن نريد أن نحكّمك فيما بيننا لأننا كنا نتشاجر فى رأى سياسة!
العبد لله: هل لديكن هذا الاهتمام بشئون السياسة؟
الفتاة الثالثة: نحن طالبات فى السنة النهائية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية.
العبد لله: آه فهمت! وما هو موضوع الجدل الذى أوصلكن للشجار السياسى؟
الفتاة الأولى: نحن مختلفات حول الإجابة على أهم سؤال يطرح نفسه على الجميع فى منطقة الخليج الآن؟
العبد لله: وما هو؟
الفتاة الثانية: هل نحن أمام حرب أم سلام؟ هل نحن أمام تصعيد حقيقى أم تمثيلية ومؤامرة؟ هل نحن أمام جنون من كافة أطراف الصراع من الممكن أن ينفجر فجأة فيفتك بنا جميعاً؟
العبد لله: أخ خ خ! لقد سألتِ يا ابنتى العزيزة أصعب الأسئلة.
الفتاة الثالثة: ألا يعرف رجل إعلامى مثلك هل هناك حرب أم لا؟
العبد لله: أنا لا أعرف، والجميع لا يعرف! والمنطقة كلها لا تعرف! والمرشد الأعلى لا يعرف! والرئيس دونالد ترامب لا يعرف!
الفتاة الأولى: إذن من يعرف؟
العبد لله: الشىء الوحيد الذى أعرفه أننى لا أعرف، وأنه لا أحد يعرف، والموضوع كله مخاطرة وجنون وتصعيد مفتوح يحتمل كل الاحتمالات من انفلات الوضع أو الحرب المحدودة أو التسوية التى من الممكن أن تصل إلى مستوى الصفقة!
الفتاة الأولى: وإذا تمت الحرب، من سيدفع الثمن؟
العبد لله: العرب!
الفتاة الثانية: وإذا تمت التسوية من سيدفع الثمن؟
العبد لله: العرب!
الفتاة الثالثة: وإذا تمت صفقة فعلى حساب من ستكون؟
العبد لله: العرب!
الفتاة الأولى: وهذا يعنى أن العرب سوف يخسرون فى جميع الاحتمالات؟
العبد لله: الوضع الآن ليس أن نكسب أو نخسر، ولكن المفاضلة بين حجم الخسارة التى سوف نخسرها فى الحرب أو نخسرها فى التسوية!
الفتاة الثانية: ماذا تعنى؟
العبد لله: المفاضلة هى أن نسأل أنفسنا «أيهما أكثر ضرراً: الحرب أم التسوية؟!».. نحن لسنا فى وارد أن نربح فى أى احتمال من الاحتمالات!
هنا جاء نداء طائرتى، وتكرار ذكر اسمى لضرورة الصعود للطائرة وانتهى الحوار!