■ تحزن حينما ترى عزاء المخرج محمد رمضان، الذى قضى نحبه فى مغامرة غير محسوبة هو وثلاثة آخرون من الشباب فى جبال سانت كاترين، ولكن -ودون إرادة منك- تنظر إلى الاهتمام الإعلامى والنخبوى بالحدث وتتذكر ذلك المجند الذى تم سحله فى أحداث مباراة الأهلى والصفاقسى يوم الخميس الماضى على يد جماعات الألتراس. وتتساءل إذا كان محمد رمضان ورفقاؤه مصريين قامت الدنيا ولم تقعد لهم، أفلا يعتبر هذا المجند -المسحول أثناء تنفيذه مهام عمله- مصريا آخر يستحق زيارات وسائل الإعلام والنخبة لدعمه والشد على يده وتطييب خاطره، أم أنه من شعب آخر فى مصر لا تنطبق عليه حقوق الإنسان التى طُلبت لرمضان وصحبه؟
■ وحينما تسأل وزيرا مسئولا فى حكومة الببلاوى لماذا لستم على قلب رجل واحد؟ فيجيبك وأين الرجل؟!! فالعن رجال المسخ الذين ورثناهم من زمن مبارك وما قبله من أزمنة. والعن اختيارات نخبة سياسية كثيرا ما تشدقت بالتغيير وطالبت به وحينما استقرت على كرسى السلطة لم تتق الله فى الوطن فلم تختر الحفيظ العليم والقوى الأمين. بل اختارت من يرتضى فكرها ويسير على هواها دونما نظرة إلى شعب عانى وما زال يعانى وادعوا الله ألا تستمر معاناته ليصير الشعب وحكامه فصيلا واحدا.
■ وحينما ترى إضرابات عمال غزل المحلة وكفر الدوار مطالبين بحوافز وأرباح لشركات خاسرة يقودها فاشلون لم يستطيعوا النهوض بصناعة والغزل برجل حمار، وترى إضراب سائقى أوتوبيسات النقل العام وعمال النظافة فى الجيزة وغيرهم مطالبين بالحد الأدنى للأجور.. فاعلم أن هؤلاء شعب يعيش بيننا يعانى ظروف الحياة ولكنه لا يراعى عثرات الوطن ولم ينظر لغرب بلاده فيرى انهيار ليبيا، ولا شرق بلاده فيرى خراب سوريا. وأن جزءاً من شعب نتحدث عنه يعانى الجهل وقلة الضمير والغوغائية وأن مهمتنا ليست وضع حد أدنى للأجور وحسب، بل وضع حد أدنى للسلوك الإنسانى يعاقب من لا يتمتع به.
■ وحينما تتابع نقاشات ضباط -شرطة وجيش- من جانب، ومواطنين من جانب آخر على الفيس بوك فترى كل فريق منهم يخاطب الطرف الآخر بضمير «أنتم» متهماً إياه بالتحيز وعدم الفهم والرؤية وعدم الحفاظ على مصالح الوطن! فاعلم أن الشعب الأول يخاطب الشعب الأول أيضاً ولكنهم يتناسون جميعاً أننا شعب واحد وأن على كليهما تفهم دور كل منهما فى الحياة. فإن كان ضابط الأمن -شرطةً أو جيشاً- مُلزماً بحفظ الأمن بتطبيق القانون والحسم وإلا يكون قد خان الوطن، فإن مهمة المواطن حفظ الأمن باحترام القانون ذاته وتبصرة فرد الأمن بما قد ينجم عنه من أخطاء. نحن شعب واحد وليس اثنين!
■ وحينما ترى من شعبنا من يسبغ عليك أوصاف الثورة والجرأة والنضال لمجرد قولك الحقيقة دونما اعتبار لمصالح خاصة قد تعود عليك، ثم يبدأ فى حسابك وفقا لما أسبغه عليك من صفات إن خالفت توقعاته! فاعلم أن الشعب التانى بحاجة لأن يُفطم على الحقيقة والمبادئ ولا تنخدع بما يسبغونه عليك من صفات وأكمل طريقك الذى اخترته لذاتك لعلك تفلح فى إقناع آخرين بالسير معك دونما صفات.