دبلوماسيون: التمهيد للاتفاقية بدأ منذ عامين فى شرم الشيخ
الرئيس «السيسى» يتوسط الزعماء الأفارقة فى مؤتمر استثمارات أفريقيا
فى حدث وصف بـ«التاريخى»، صادقت 27 دولة من أعضاء الاتحاد الأفريقى على اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية مؤخراً، كثمرة لرئاسة مصر للاتحاد الأفريقى. ويرى مراقبون ودبلوماسيون أن الاتفاقية التى يعود الحديث حولها منذ سنوات اكتسبت دفعة جديدة بالتحركات المصرية المكوكية على صعيد تعزيز العلاقات البينية بين الدول الأفريقية، خصوصاً فى شقها الاقتصادى.
وشهدت السياسة الخارجية المصرية نشاطاً أفريقياً مميزاً خلال الشهور الماضية، وجاء إطلاق اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية كتتويج للمنجزات التى ساهمت مصر لسنوات فى الوصول إليها عبر مؤتمرات اقتصادية عُقدت بوتيرة دورية فى شرم الشيخ والقاهرة، ومن خلال تحركات نشطة للرئيس عبدالفتاح السيسى وزيارات ناجحة للدول الأفريقية وتمثيل مستحق للقارة فى المحافل الدولية ومساعدات تنموية وفنية لدول عديدة.
ومع عودة النشاط السياسى المكثف لمصر فى أفريقيا فى السنوات الست الأخيرة، استضافت العديد من عواصم العالم قمماً أفريقية بالشراكة مع العديد من القوى الكبرى مثل ألمانيا وفرنسا والصين واليابان، كما بدت بعض هذه القمم فريدة من نوعها فى ظل رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى، حيث تستضيف مدينة سوتشى الروسية، يوم 24 أكتوبر المقبل، قمة «روسيا - أفريقيا»، تحت الرئاسة المشتركة لكل من الرئيس عبدالفتاح السيسى بصفته رئيساً للاتحاد الأفريقى، والرئيس الروسى فلاديمير بوتين، فى حدث يُعد الأول على مثل هذا المستوى فى تاريخ العلاقات الروسية الأفريقية.
كما أن مصر استطاعت أن تنتقل خلال السنوات الست الأخيرة من حالة تجميد العضوية لفترة مؤقتة بعد ثورة 30 يونيو، إلى اختيارها بالإجماع رئيساً للاتحاد الأفريقى، لأول مرة فى تاريخ المنظمة الأفريقية التى استحدثت عام 2002 كبديل لمنظمة الوحدة الأفريقية.
وتستضيف اليابان مؤتمر طوكيو الدولى السابع للتنمية فى أفريقيا (تيكاد 7)، فى أغسطس القادم، فى الوقت الذى تتولى فيه مصر رئاسة الاتحاد الأفريقى، وتعد هذه القمة محفلاً للتعاون اليابانى الأفريقى، وتستضيفها مدينة يوكوهاما حيث ستنعقد تحت رئاسة يابانية - مصرية مشتركة، وهو ما اعتبرته مصر خلال مشاركتها بقمة مجموعة العشرين فى اليابان مؤخراً دعماً للتعاون بين مصر واليابان فى أفريقيا، بما يسهم فى تحقيق التطلعات التنموية لأفريقيا، ومن المقرر أن تكون قمة التيكاد المقبلة فرصة لتكثيف تبادل وجهات النظر بين البلدين فى هذا الإطار.
"عمر": مجموعات عمل فى وزارات الحكومة لدعم علاقات مصر بأفريقيا.. ودورها فى القارة "مشهود"
وقالت السفيرة منى عمر مساعد وزير الخارجية للشئون الأفريقية سابقاً، إن «مصر تعيش مرحلة إيجابية جداً بالنسبة لعلاقاتها الأفريقية، من الناحية الاقتصادية والسياسية والثقافية»، وأضافت، لـ«الوطن»: «لدينا منظومة عمل متكاملة فى كل الوزارات كلٌ فى اختصاصه، تعمل على دعم العلاقات مع الدول الأفريقية، ما جعل الدور المصرى ملحوظاً ومشهوداً فى القارة، وله تأثير إيجابى على العلاقات الاقتصادية». وعن اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية، قالت «عمر» إن «الاتفاقية جار التفاوض عليها منذ توقيعها قبل سنتين فى مؤتمر بشرم الشيخ، ولعبت مصر دوراً قوياً فى حث بعض الدول الأفريقية لتدخل «التجارة الحرة» حيز النفاذ.
"طه": تفعيل "التبادل التجارى" بين دول القارة يتطلب مراعاة العامل الأمنى وبحث قضايا البنية التحتية والمواصلات والعملات المحلية
وقال السفير فرغلى طه، مساعد وزير الخارجية الأسبق، لـ«الوطن»، إن «مصر لها دور كبير كدولة وكرئيس للاتحاد الأفريقى، لكنها لا تستطيع بمفردها تفعيل اتفاقية التجارة الحرة، هذا دور الـ55 دولة العضو فى الاتحاد، كل دولة معنية وقعت على الاتفاق لديها اقتصاديات ومشكلات داخلية مختلفة ولديها طريق طويل لتفعيل الاتفاقية».
وأضاف: «يجب مراعاة الفروق بين اقتصاديات الدول الأفريقية المختلفة، ومراعاة العامل الأمنى وأسباب عدم الاستقرار فى الدول الأفريقية المختلفة من نزاعات داخلية أو إرهاب، لأن التجارة لا يمكن أن تستقر طالما الأمن غير مستقر وإذا كانت معرضة لهجمات». وتابع «طه»: «أيضاً مسألة البنية التحتية والاتصالات والمواصلات بين الدول الأفريقية، وأيضاً اختلاف التعامل بالعملات المحلية للدول، وضرورة عقد صفقات تبادلية بين الدول الأفريقية، هذه أمور وغيرها مطلوب العمل عليها بجدية».
وتابع «طه» قائلاً: «مصر حددت بعض هذه الأمور فى خطابات الرئيس عبدالفتاح السيسى فى قمة النيجر الاستثنائية، وتدشين الاتفاقية سبقته اجتماعات جادة وستستمر لسنوات قادمة حتى يكون هناك تفعيل عملى للاتفاقية، وهناك ضرورة أن تكون التعريفات الجمركية والنظم الضريبية بين الدول الأفريقية متفقة لتفعيل الاتفاقية بما يحقق حرية التجارة ثم تخفيض الرسوم الجمركية لاحقاً، وزيادة التجارة البينية بين دول القارة».
وأكمل مساعد وزير الخارجية الأسبق قائلاً: «لا نخجل أن نقول إن مصر تقود قارة أفريقيا فى 2019، خصوصاً إذا كانت القاهرة هى رئيس الاتحاد الأفريقى، ومصر لها دور رئيسى وكبير فى التوصل إلى اتفاقية التجارة الحرة، والتحركات المصرية على الصعيد الأفريقى تعويض عن انشغال مصر سابقاً عن القارة، وكل المؤسسات المصرية والوزارات تعمل على إنجاح التعاون المصرى الأفريقى لصالح مصر أولاً ولصالح الأشقاء الأفارقة ثانياً». وأضاف: «علينا أن نأخذ فى الاعتبار أن هناك معوقات قد تنشأ أمام تحرك مصر فى أفريقيا، نتيجة تدخل بعض الدول المناوئة لمصر».